إِسعد بدون مقدمات

وفي هكذا مناسبة يشتد بنا الحنين للماضي الذي يكبر في كل وداع بعد زيارة عائلية، بعد مقابلة صديقة قادمة من زمن الطفولة، بعد مطالعة ألبوم الصور الذي بات اليوم لا يبرح هواتفنا النقالة التي تلغيه بكبسة زر، لتمسح معه الأشياء القريبة في الزمن والجميلة، ولتميت قلوبنا عن التأثر بصور للفرح المسروق من وحشة الحياة المتنكرة، فأنتِ العاشقة في كل يوم للحبيب الافتراضي، وأنتَ الحالم بين أذرع أميرتك التي انطفى بريقها بعد ليالي العشرة المعدودة، وهي المضحية التي تحترق لتنير درب الإخوة، وهو الابن البار الذي يحيى بدعوات أغلى الناس في الكون، وأنا... لن نقبل بيوم في السنة حتى نحتفل بأنفسنا وننتظر تعييدة، لن ننتظر مناسبة عامة حتى نحتفل بحياتنا الخاصة، لن نترك أنفسنا تنطفئ طويلا فلن تشتعل في ثانية، سنصرخ بأحذيتنا ذات الكعب العالي في آذان النسوة المستميتات الخطى في الطريق، لنقرعهن بطرقات سريعة تنحينهن بها جانبا، بعد أن نهديهن فرصة للنظر إلينا برمق العيون، سنرتدي الجميل والأجمل في كل يوم حتى يحتار الآخر في أمرنا، سنبتسم كل يوم لأن الابتسامة عقدة البؤساء. نعاني نكبات بشكل يومي فلنغتنم في كل عيد ولنخلق في كل يوم عيد ولنحتفل ولنفرح ولنزغرد بكل الطرق، أما الخوض في باب حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية من عدمه، لا ينتهي ولن ينتهي عند عتبة الحلال والحرام، سيتعداه لتبريرات الرغبة في خلق الفرح وبين الضمير الجمعي المعاتب لبدعة سنة من سنن الغرب، نحتاج لنفرح ولنضحك ولنعربد فما أحوجنا للفرحة الصادقة بعد أن طمسنا في وحل حياة لا ينجلي.