آخر الأحداث والمستجدات 

مكناس .. و الإصلاحات الكسكوسية !!!

مكناس .. و الإصلاحات الكسكوسية   !!!

فاجأني أحد الأصدقاء و نحن في جولة قصيرة في شوارع و أزقة و معالم العاصمة المكناسية التاريخية، بسؤال عجيب و غريب و ومنطقي في الوقت ذاته، حين سألني عن سبب إهمال معالم مكناس التاريخية و تركها دون رعاية و لا ترميم رغم أنها صنفت ضمن التراث العالمي الذي يجب الحفاظ عليه من طرف منظمات عالمية كبرى كمنظمة اليونيسكو.

لا أخفيكم أنني حاولت تغيير الموضوع لأخفي تلك الحرقة الموجودة في حلقي، لكني لم أفلح في ذلك فالصديق أصر على جواب مقنع، خصوصا و أن صديقي من مدينة توأمة لمكناس، تدعى المدينة الحمراء و هي بدورها تحوي من المعالم ما يشبه مكناس كثيرا لدرجة لا يمكنك التفريق بينهما، لكنها تحظى بالعناية و الرعاية التي افتقدتها مكناس.
اصرار صاحبي على السؤال جعلني اعري له على الواقع المر الذي يلحق هذه المعالم المكناسية العريقة التي يرجع تاريخها لأكثر من خمس حضارات عريقة تعاقبت عليها، بدأ بقبائل مكناسة الأمازيغية مرورا بالحكام المرابطين و الموحدين و المرنيين وصولا إلى الحضارة العلوية المجيدة بقيادة رائدها المولى إسماعيل، كل هذه العقبات التاريخية و منذ القرن التاسع الميلادي تقريبا لم تستطع النيل من معالم مكناس و من صلابتها و ذلك لأن كل حضارة تأتي للمدينة تسعى جاهدة لأن تجعل مكناس بوابة العالم، و لعل طموح المولى إسماعيل في عهده رحمه الله لخير دليل على ذاك عندما استطاعت مشاريعه آنذاك أن تحجز اسما توأما لمدينة لويس الرابع عشر آنذاك بتلقيبها بــ "فرساي المغرب".
مكناس المسكينة التي لم يكن يخطر ببالها يوما انها ستصل لدرجة تصبح فيها تسميتها بــ "جيبوتي المغرب" كثيرا على شأنها، لا لأن مكناس لا تستحق ان توصف بــ "روما المغرب" و لكن فقط لأن المسكينة و منذ بدأ تعاقب المجالس البلدية الجالسة على ميزانية الرقي بالمدينة، لم نعد نشهد لها تطورا ملموسا إلى كمشية سلحفاة فوق طريق معبدة بالبيض، فالدراويش التي تأتي لتصلح شأن مكناس و معالمها لا تفلح إلا في إصلاح جيوبها و إنقاذها من الإفلاس !! و يبقى لمكناس فقط فتات الكسكس للنهوض بالمدينة !! نعم فتات الكسكس، لا تتعجبوا سأشرح لكم هذه القصة.
ذات يوم التقيت بأحد المجاديب المكناسيين الأحرار من طينة سيدي عبد الرحمن المجدوب، يدعى سيدي عمر المكناسي، سيدي عمر أحد الناس الأشراف الذي ربما إن وكلت له شؤون مجلس البلد لقدم لمكناس ما لم يقدمه أصحاب البطون المنتفخة، إنسان حفر الزمان خدودا على وجهه و حفرت معاناة مكناس جرحا أعمق من تلك الخدود في قلبه، سألت سيدي عمر عن السبب الذي يجعل الطبقات الترميمية التي يضعها المجلس على الأسوار و الأبواب المكناسية في شهر يونيو تنهار بمجرد أول قطرة  مطر في شهر أكتوبر، فهل الخلل يا سيدي عمر في رمال مقالع الرمال ،التي تبين أن جهة مكناس تافيلالت تحتل الصدارة من حيث عددها، أم في إسمنت اكبر معمل في المغرب، أم في العامل اليتيم الذي يشتغل على ترميم جزء من السور لا يتجاوز أمتارا معدودة في تعداد زمني ينفع لتشييد مدينة بأكملها، أم في الوصفة السحرية التي بنا بها المولى إسماعيل أسواره و صمدت لأكثر من 700 سنة و دفنها معه في ضريحه أم في ماذا العيب يا سيدي عمر الله يخليك.
أجابني السي عمر ضاحكا متهكما:
 "أولدي الله يهديك المشكل ماهو حتى فشيحاجة من هذا الحجايات الخاوية دكلامك، خاصك تعرف أولدي بلي مجلس المدينة مافحالوشاي مسكين، اوكيما بقاو فيك الأسوار دمكناس حتى هوما كايبقاو فيه لهذا قرر بعد اجتماعات مطولة باش أنه يبقى يجمع داك الفتات ديال الكسكس ديال نهار الجمعة عيد المومنين، اللي كايخرجوه المحسنين أو يخلط داكشي بشي شوية تاع زيت العود المكناسية يزيد عليهوم شوية ديال الشاونية الاسماعيلية من المارشي دالهديم، أو يجمع الخليط كولو و يديه يزورو العتبة ديال الشيخ الكامل أو يجمع شويا ديال المتطوعين في المجال ديال الترميم و يرقعوا داك التقيبات اللي مرا مرا كايبانو فالأسوار الاسماعيلية، و لكن المجلس البلدي مسكين ما دربش حسابو مزيان، أو نسا الكلام اللي تايتقال على سيدنا كسكسو، سيادنا اللوالا كانو تايقولولو "كسكسو ماشي راجل" ههه..
كسكسو ماشي راجل ... كيفاش السي عمر .. مافهمتش؟
أنا نفهمك اولدي .. تايقولو عليه ماشي راجل لحقاش واخا تاكل من كسكسوا اللي كليتي نهار الجمعة غير يقرب العصر واتقول فحال اللي ماكليتي والو أدغيا هاهو الجوع ليك جاي كايجري ... إيوا هادي رجلة بيني أوبينك اللي مايوصلكشي غير المغرب ..ههه.. و لهذا قلتليك المجلس البلدي ماضربوش حسابهوم مزيان .. لحقاش اللي ماغاديش يوصلك فكريشتك للعصر كيف بغيتيه يوقف معاك فالأسوار اللي كاتطيح عليهوم الشتيوة ديال البركة في أرض الفلاحة .. و لكن أولدي راني سمعت مؤخرا بلي راهوم بغاو يبدلوا هاد العام كسكسو بالبيصارة قاليك واقيلا احسن !!!
تركني سيدي عمر ضاحكا و ضحكته تتردد في عقبة دار السمن، لأتوجه بالسؤال لتلك الخفية "يا ترى" التي لم نرها أبدا كما لم نرى خيرات مكناس على هندامها، هل ستفرح الفتاة المدللة مكناس بلباس جديد هذه السنة، أم أنها لن تأخذ و لو فرنكا من ميزانية 2013 التي صرح بها مجلسها أنها في حدود 34.901.400.000 سنتيم فقط !!!! أم ان مكناس ستبقى كاتقضي أوتعدي بالإصلاحات الكسكوسية فقط.
.:المهدي:.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : المهدي حميش
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2012-12-07 09:45:00

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك