آخر الأحداث والمستجدات 

معاناتي مع الماستر : جدلية النجاح و الفشل

معاناتي مع الماستر : جدلية النجاح و الفشل

ما زلت أتذكر ذلك اليوم الذي و طأت فيه قدماي – و أنا تلميذ في المرحلة الإنتقالية – عتبة الجامعة، عتبة التحصيل العلمي، عتبة النجاح، عتبة التفوق، عتبة الإبداع كان تفكيري لحظتها يصبو إلى تحقيق هدف واحد هو التحصيل العلمي و توسيع مداركي العلمية و اكتساب ملكة البحث العلمي التي قلما تجدها عند طالب اليوم، فبعد مخاض عسير تكلل بحصولي على شهادة الإجازة في الأدب الإنجليزي، تخصص لسانيات، سنة 2012.

بعد حصولي على شهادة الإجازة مباشرة قمت باجتياز مباراة الولوج إلى مراكز تكوين الأساتذة، إلا أن المهمة باءت بالفشل و ذلك بسبب تدني مستوى النقاط    المحصل عليها في سنوات الإجازة. هذا الفشل لم يكن بالنسبة لي نقطة ضعف، بل على العكس من ذلك كان بمثابة محفز داخلي جعلني أواصل رحلة البحث و النبش علني أصل إلى الهدف المنشود، بعد هذا الفشل كانت وجهتي الأخرى هي البحث عن بديل يخول لي متابعة دراستي، و هذا ما قد أتمكن من تحقيقه مطلع موسم 2012-2013، فمع بداية الموسم ،قدمت ملف ترشيحي للماستر في الجامعة التي تابعت بها دراستي بسلك الإجازة، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فقد تم الإعلان عن نتائج المترشحين المنتقين لإجتياز الإمتحان الكتابي، لكن للاسف لم يتم إدراج اسمي في اللائحة و ذلك راجع ربما من الناحية القانونية إلى معايير لم تكن تتوفر في ملف ترشيحي.

 هذا الفشل الثاني كان بالنسبة لي كالعاصفة التي أتت على كل الأمال و الأحلام، و رغم ذلك لم أفقد الأمل، ولم أندم ابدا لأن الندم هو الخطأ الثاني الذي نقترفه في حياتنا، فكرت مليا في السبب الذي جعلني أرفض في مباريات الماستر، فأدركت أن معدل الإجازة هو السبب في ذلك لذلك قمت بالتسجيل في مسلك الإجازة المهنية في عين الجامعة التي تابعت يها دراستي الجامعية، ما دامت الإجازة المهنية هي الحل الوحيد لمعالجة مشكل النقطة و مشكل الإنتقاء على حد سواء، لكن ظل الفشل أبى أن يفارقني حتى اللحظة، لتكون بذلك سنة 2012 سنة سوداء بلا منازع.

 كما يقال دائما، ما دامت هناك حياة، فهناك أمل. فبعد توجيه و إرشاد أحد الأصدقاء المقربين لي. قررت متابعة دراستي في المركز اللغوي الأمريكي بمدينة مكناس، لتكون بذلك سنة 2013 فاتحة خير انتهت بحصولي على دبلوم التأهيل و تكوين جيد يخولان لي على الأقل العمل في بعض المدارس الخاصة. و مع بداية موسم 2013- 2014، ستهب رياح البحث مجددا عن مكان لي في الجامعة سواء تعلق الأمر بالماستر أو الإجازة المهنية. بعد تفكير ملي قمت بتجريب ماستر مغاير بعيد شيئا ما عن تخصصي، تحت عنوان : "Business and Communication". نظرا لأنه يقبل ملفات متساوية مع ملفي أو أقل منه درجة، و مع ذلك لم يتم استدعائي علما بأن مجموعة من الطلبة ذوي المعدلات المقبولة تمت المناداة عليهم، بل أكثر من ذلك تم قبولهم بشكل نهائي في اللائحة الرسمية ليبقى السؤال المطروح دائما هو: ما هي المعايير التي تم الإعتماد عليها لقبول ملف المترشحين؟ و إذا كانت هناك معايير، فهل يتم الإعتماد عليها ؟ و هل هناك مبدأ يقول بتكافؤ الفرص ؟ أم إن للسياسة و اللجنة المسؤولة عن الماستر معاييرها الخاصة ؟ و هل معيار النقطة هو الذي يعكس المستوى العميق للطالب ؟ و ما هي إلا أيام قليلة بعد هذا الفشل حتى أتت الأخبار السارة من العاصمة الرباط، فكأن القدر يدفعني إلى الرباط ... اذهب... اركض، فهناك هدفك... حلمك... مبتغاك. فاسمي كان موجودا في لائحة المترشحين لإجتياز الإمتحان الكتابي للاجازة بكلية علوم التربية بالرباط، بشخصية لا تؤمن بمصطلح الفشل ذهبت إلى الرباط و اجتزت المباراة بنجاح ، و تم اختياري بشكل رسمي ضمن الطلبة المقبولين بصفة نهائية. و كم هو صعب الحصول على كلمة مقبول !!

 

إلتحقت بعد ذلك بالكلية لمتابعة الدراسة، و كانت هذه السنة بعد انقضائها من احسن سنوات الدراسة في حياتي نظرا للأهداف التي حققتها و التي أراها مفتاحا لمغاليق أبواب الترشح للماستر أو مراكز التكوين، و بعد انتهاء موسم الإجازة و حصولي على الدبلوم، ما زالت رغبتي في الماستر تزيد، و بزيد مصطلح الفشل معها، و كأن بين رغبتي في الماستر و بين الفشل علاقة عشق أبدي و حب حارق، فمنذ حوالي شهر تقريبا لم يتم استدعائي مجددا لاجتياز الإمتحان الكتابي في جامعة ظهر المهراز بفاس، فكان هذا بالنسبة لي ضربة قاضية جعلتني أدخل في غيبوبة الفشل و الإستسلام.

 أيام قليلة بعد ذلك استفقت من غيبوبة الفشل مع خبر سعيد و هو ماستر مدينة الجديدة الذي سرعان ما سيتحول بدوره إلى كابوس مرعب. فأي ماستر هذا الذي يفتح و يغلق في نفس السنة، أي فلسفة، و أي سياسة هذه التي تنهجها الجامعة ؟

 و بعد كل ما لقيته من فشل استطعت أن استنتج بصعوبة أن المسؤول الحيد عن هذا كله هو الوزارة بجميع عناصرها، فهي التي تدفع معظم الأساتذة إلى إغلاق الماسترات التي قاموا بفتحها أو تنسيقها لسبب بسيط هو الجانب المتعلق بالميزانية و تقاضي الأجرة.

 إن هذا الإغلاق العبثي و غير المبرر للعديد من الماسترات --خلال هذه السنة--  قضى على معظم أحلام الطلبة بمن فيهم أنا لتبقى بذلك أمامي فرصة ربما قد تكون الأخيرة لي هذا الموسم هي الماستر المفتوح حاليا بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة و الموسوم ب "الثقافة و اللسانيات" "Culture and Linguistics". فهل يا ترى سوف يتحقق الحلم و تجري بذلك الرياح بما تشتهيه السفن ؟ أم أن لعنة الفشل ستظل تلاحقني ما دمت مصرا على متابعة الدراسة ؟

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : يوسفي ياسر-أكوراي
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2014-11-27 21:10:28

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك