آخر الأحداث والمستجدات 

أضحية العيد بالمغرب : فرحة بالتقسيط

أضحية العيد بالمغرب : فرحة بالتقسيط

"واش شريتوا الحولي ولا مازال"،"إمتى غاديين تمشيوا للسوق"،"بشحال خديتوا هاد المبروك"، أسئلة تتكرر بين عموم المواطنين على بعد أيام قليلة من حلول عيد الأضحى،
مناسبة دينية أصبح يحسب لها ألف حساب خاصة من لدن الموظفين البسطاء وذوي الدخل المحدود بالمغرب، في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن البسيط.
وحتى يمر يوم العيد في أحسن الظروف، تلجأ العديد من الأسر المغربية للاقتراض، تضخم الديون وارتفاع القروض الاستهلاكية لا يشكلان حاجزا أمام البعض، على اعتبار أن شراء أضحية العيد سيدخل الفرحة والبهجة على قلوب أفراد الأسرة ككل والأطفال على وجه التحديد.

حولي سمين... كرونو ملويين"
شرط الزوجة أن يكون كبش العيد من فصيلة معينة، سمينا و بقرون ملتفة، من ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت محمد إلى اللجوء للاقتراض بغية تلبية طلبها الذي أصبح مطلبا شرعيا ينادي به حتى الصغار.
بالنسبة لمحمد الذي يعمل كموظف بسيط في القطاع العام، لم يعد بمقدور العديدين اقتناء أضحية العيد، فأثمان الأضاحي ارتفعت في السنين الأخيرة بشكل صاروخي، في ظل ارتفاع مواز للمواد الاستهلاكية واستقرار الأجور التي لا تواكب متغيرات العصر. يقول"المعيشة غلات والواحد مبقاش يتكافى مع الوقت"،"بالكاد أتمكن من العيش وتدبير أموري أسرتي،"المانضة ماكاتقدناش حتى لآخر الشهر، فمابالك بالمسكين اللي عندو 4 أو6 أولاد، كي غادي يدير؟".
يؤمن محمد أن القروض الاستهلاكية ليست بالحل الموضوعي لمشكل ارتفاع أسعار الأضاحي، لكونها تشكل عبئا مضافا للآباء يساهم في استنزاف رواتبهم الضعيفة، وربما إغراقهم لاحقا في دوامة من المشاكل والديون المتراكمة التي قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. يضيف"القرض شر لا بد منه، صحيح أنه يثقل كاهل الموظفين البسطاء، لكن فرحة الأطفال بكبش العيد لا تضاهيها فرحة بالنسبة لي".
معاينة الفرحة في عيون الصغار وتلبية متطلباتهم تشكل هاجسا حقيقيا لدى الأهل، ودافعا لدى كثير من الأسر التي تقبل على القروض الاستهلاكية بمناسبة العيد دون أدنى تفكير في العواقب."مولاة الدار والدراري كايتشرطوا الحولي يكون كبير وكرونو ملويين، وهذا جهدي عليهم"، يضيف محمد مطلقا العنان لقهقهات متتالية.
الاقتراض ونظرية "نفقس الجيران"
أصبح الاقتراض استعدادا لتسديد النفقات الخاصة بمختلف المناسبات، من دخول مدرسي، رمضان، عيد الفطر وعيد الأضحى عادة لدى البعض، خاصة ممن يربطون حلول مثل هاته المناسبات بمفهوم القرض كحل وحيد للخروج من أي ضائقة مالية، تتلاشى معها مسألة التفكير في نسبة الفائدة مهما كانت مرتفعة.
قرار تزكيه شركات القروض الاستهلاكية والأبناك من خلال العروض التي تقدمها للتحفيز على الاقتراض، بتوفير مبلغ مالي معقول مقابل أداء نسبة تبدو للوهلة الأولى منخفضة، وتمتد مهلة التسديد لشهور أو أكثر حسب مبلغ القرض، تحفيز الشركات يتم عن طريق الإشهار ووضع لوحات إعلانية كبرى بمختلف شوارع المدن المغربية، تؤكد صليحة، ربة بيت،"نهار الدبيحة كايفوت باش ماكان"،"فلماذا اللجوء إلى أخذ قروض من شأنها إثقال كاهل البسطاء بـ"تريتات"، قد تمتد لشهور طويلة بغية سداد مبلغ يفوق بصفة مبالغ فيها مبلغ القرض؟".
حلول عيد الأضحى يشكل فرصة مواتية لمؤسسات السلف بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبناء، وتحفيز الزبناء القدامى على أخذ المزيد من القروض، وهو ما يفقد "العيد الكبير" صفته من مناسبة لإكرام المحتاج إلى فرصة للتباهي وتكريس الحزازات بين الجيران وساكنة الحي الواحد، يؤكد الحاج التهامي"مع الأسف، أصبح العيد شكلا من أشكال الافتخار والمباهاة، حيث تسعى كل أسرة لاقتناء الأضحية الأكبر والأغلى ثمنا، حتى وإن كان ذلك على حساب معيل الأسرة لاحقا، ما يهم بعض النساء هو "يفقسوا جاراتهم"،"وهو ما يتناقض مع تعاليم هاته المناسبة وكذا قواعد ديننا الحنيف ككل".
وتبرز أهمية عيد الأضحى بشكل واضح إلى درجة أن الأغلبية يعتبرونه مسألة مقدسة، وجب أن تمر في ظرفية جيدة حتى وإن اقتضى الأمر بيع مقتنيات خاصة من ملابس، وأثاث منزلي لتحقيق الهدف الأسمى شراء خروف العيد.
الاقتراض الإجباري مرتبط بالمناسبات
تخطى المبلغ الإجمالي لقروض الاستهلاك بالمغرب حاجز 45 مليار درهم سنة 2010، وحسب بحث لبنك المغرب، يشكل الموظفون والأجراء نسبة 93% من مجموع المقبلين على الاقتراض، وتمثل القروض الممنوحة لمن تقل مداخيلهم عن 3000 درهم نسبة 40%، في حين تصل إلى حوالي 35% بالنسبة لمن لا تتعدى مداخيلهم 4000 درهم.
ويعتبر خالد بنعلي، خبير اقتصادي أن المستوى الذي بلغته هذه القروض قبل سنتين ليس مفاجئا، علما بأن هذا الرقم لا يترجم حقيقية حجم حركية الموارد بين المواطنين، لو تم احتساب القروض الاجتماعية التي تخولها مؤسسات الأعمال الاجتماعية للقطاعات الموازية، والمؤسسات العمومية و العمليات المالية المعروفة لدى عموم المواطنين ب " دارت".
ويرى بنعلي أن تزايد الإقبال على قروض الاستهلاك مسألة شخصية مرتبطة بالمقترض في الزمان والمكان، وهنا يجب التمييز بين اللجوء الإجباري إلى الاقتراض أو الاختياري. يضيف"حالات الاقتراض الإجباري عموما ما تمليها الحاجة الملحة إلى موارد إضافية لتلبية الحاجيات بمناسبة عيد الأضحى و الدخول المدرسي و العطلة الصيفية والمرض... فيما يبقى الاقتراض الاختياري مرتبطا بالتخفيضات، و التنزيلات في أثمان بعض المعدات المنزلية ( ثلاجات، أجهزة تلفاز...) التي تشهدها الأسواق المغربية في بعض الفصول والمناسبات.
ويؤدي الإفراط في الاقتراض من أجل الاستهلاك إلى مخاطر من شأنها أن تؤدي إلى التعامل مع القروض بمنطق إمكانية متوفرة وسهلة، الأمر الذي قد ينجم عنه إدمان على الاقتراض. يوضح الخبير الاقتصادي خالد بنعلي "يصل هذا الإدمان إلى درجة قد تمثل الأقساط الشهرية نسبة تفوق ما هو متداول وممكن، وبالتالي عدم تلبية طلبات القروض في هذه الحالة، وهنا يدخل في منطق " رهن دخل مستقبلي لتلبية الإفراط في الاستهلاك".

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : نادية عماري
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2012-10-17 00:43:47

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك