آخر الأحداث والمستجدات
لمن تدق أجراس مدينة مكناس ؟
مظهر عام يوشي بالكثير، والحياة تبدو راكدة، رغم تغيير الوجوه الانتخابية والمسؤوليات، فلا شيء في الأفق يبشر بالتحول، بيوت تتناسل، وتفضح بجلاء أخطاء التسيير التي ريفت المدينة، وبصمات المجالس المتعاقبة مازالت حاضرة بكل ثقلها الفضائحي والكارثي.
هناك وجوه تصادفك وكأنها قادمة من الزمن الآخر. أجسام تصارع فجيعتها في صمت، تائهة في زمن الأيام الضائعة، تبحث عن عمل تضمن به كرامتها، لتقاوم به الزمن الغادر، ووقاحة الإنسان... لا تتوقف... دائرة التواطؤ تتسع، وشطر البؤس يستولي على الجزء الأكبر من الخارطة المحلية للمدينة الثكلى.العشوائية في كل شيء، في كل مكان، وصوت المدينة يصدح وجعا ليطرب مسامع أهل البلد بهمسات المواطنة. الناس لا يعرفون أي طريق تسير فيه المدينة "باريس الصغير".
أهي مدينة وراء التاريخ؟ أم مدينة خرجت من التاريخ؟ أم مدينة وقف فيها التاريخ؟ والاعتقاد السائد لدى الجميع، أن ما وقع لمكناس لم يكن سوى محنة عابرة ستزول، وتبدأ رحلة العودة من جديد. ما نراه اليوم وليد الأمس، ووالد الغد. سلبيات الماضي القريب هي سلبيات الحاضر ولربما أفدح، ولا رجاء يذكر.
لم يعد للمدينة حاضر ولا مستقبل... لقد سحقها حاضر التسيير المعوج، وأحال فضاءاتها الجميلة إلى بورصة للقيم المنقولة، وغير المنقولة، أبنية صامدة تختلط عشوائية التواقيع بحجارتها ; فتتحول إلى قصة تفاصيلها فاقت كل حدود النهب.
مدينة لم تعد تنتمي لنفسها، لقد جردوها من أمسها، من إنسانيتها، من خصوصيتها، من تاريخها التليد، ولم يتركوا لها سوى طابعا يتأسف عليه كل زائر عابر. مدينة اغتصبت معالمها، ومواقعها التاريخية (واغتصبت عذرية بعض حدائقها (ماكدولند، الداوليز، إيبيس) وقريبا انتهاكات أخرى يعلمها ابن زياد الذي رحل دون رجعة، لا شيء في المدينة يكبح جماح السلطة / سلطة المال، وتبقى الذات حاملة إدانتها متسترة في دهاليز البلدية والعمالة، ومركز الاستهتار / عفوا الاستثمار.
اغتصاب أضحت معالمه واضحة على وجوه الموشومين بغضب الإسمنت على الفضاءات الخضراء، والأراضي الفلاحية (منطقة تولال، طريق الرباط، طريق فاس، أكوراي). اغتصاب تترجمه نظرات بائسة في عيون أهل المدينة الطيبين. في صمت المجتمع المخادع... ترى وجوها تريد أن تنطق... تريد أن تستنكر... تريد أن تحتج... تريد... وتريد... وتصمت ويبقى الصمت شعارا... والواقع لوحة سريالية تكالب على تشويهها السماسرة، وأنصار البشاعة والميوعة.
وبأسلوب أخبث من خبث حامليه، تجهض بعض محاولات التغيير، ليبقى أصل المدينة دمى متحركة... بخيوط التسويف صنعت بنياشين... قيل إنها بوادر التنمية... والمتلقط للتفاصيل هناك. يعرف حقيقة إنجازات هذه التنمية.
مدينة لم تعد تنتمي لتنميتها الكاذبة... فلمن تنتمي إذن؟ للذين برعوا في تحويل بهائها إلى أرصدة بالعملة الصعبة؟ أم لترسانة مزارعي الخرسانة التي تخنق أنفاس المدينة خلف قوانين البيئة والتعمير...
مكناس تركوه اليوم جسدا مترهلا... وشاحبا امتص المسؤولون السابقون الكبار وحتى الصغارجماله وبهاءه،ولم يتركوا له سوى واقعا تنخره شيخوخة بائسة.
فهل يتعلق الأمر بمدينة آخذة في الاندثار؟ مزابل... حدث ولا حرج... حفر... وما أكثرها... أمن... ولا أمان... مقاهي... غزتها الشيشة الدخيلة... أنوار طافئة في كل درب... وحافلات قادمة من خوردة العم سام.. متجولون الباعة... أسواق فشلت في احتضانهم. (سوق مرجان.2.. برج مولاي عمر...) متسولون... أياد ممدودة في وجه المارة... تحاول القبض على ريح التنمية... ولا تنمية في الصورة والهامش.
وحدك ترحل في الدروب والشوارع، تبحث عن جديد التنمية، ولا شيء يذكر... الصورة نمطية، والهامش واحد ضائع... فلمن تدق أجراس؟ .
الخياطي الهاشمي
الكاتب : | الخياطي الهاشمي |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2014-10-11 15:31:17 |