آخر الأحداث والمستجدات
معنى الاستقرار السياسي
مرة أخرى يملأ الحزب الحاكم صفحات الجرائد و المجلات بعناوين مثيرة للجدل حول علاقته بالممارسة السياسية من خلال ثقافة حكمه و حراكه الإيديولوجي و عمله الحكومي. و إذا كان السيد رئيس الحكومة، قد استعمل في تقديم حصيلته لغة التضليل و قراءة تقارير عن أنشطة عائلته الحزبية و الشخصية، فإنه تناسى موقعه ضمن تحالف حكومي يفترض احترام المسؤولين الحكوميين و المؤسسات الحكومية، و تقبل بروح ديمقراطية المساءلة و تفعيل نظام المراقبة و المحاسبة، و تقييم كفاءة الحكومة و قدرتها على الاستمرارية في نهج الإصلاح الفعال الملتزم سياسيا بالتنمية و التعاون و التضامن مع كافة الشركاء الأساسيين.
إن ما يعيشه المغرب من تحول عميق و من أفق مفتوح على احتمالات عديدة و على إكراهات سوسيو- سياسية حقيقية، لا يتماشى مع أسلوب و شكل الرد الذي تقدم به السيد رئيس الحكومة و هو يخطب في البرلمان و يشمت في الشعب و المعارضة.
فلو كان بنكيران تهمه مصلحة الشعب و الوطن، لجاء رده مختصرا في استعداد حكومته لإطلاق حوارا و طنيا حول السياسات العمومية المتبعة ليرى الجميع منهم أصحاب المصلحة و المستفدين، و منهم المخلصين و المقتنعين بحب الوطن مهما كانت حدة و قوة الصراع، و مهما كانت طبيعة الاختلافات حول خلق و تطوير مؤسسات ديمقراطية قابلة للمساءلة، بما فيها الأحزاب السياسية و النقابية و جمعيات المجتمع المدني.
و إذا كان "الاستقرار السياسي" هو الشعار الذي رفعه بنكيران للمزايدة و الابتزاز، متناسيا أنه كان عليه أن يوضح لعموم المغاربة ما قامت به الحكومة على مستوى الاصلاحات السياسية و الاجتماعية، فإن الضرر الذي يلحقه اليوم بالمسيرة الديمقراطية، التي ضحى من أجلها المغاربة، لا يمس فقط بالاستقرار السياسي، بل بركائز هذا الاستقرار و دعائمه.
إن بنكيران لم يوضح لنا عن أي استقرار سياسي يتحدث، و لم يقل لنا شيئا عن القواعد و المهام التي تتحكم في نسق السلطة و مخططاتها المادية الحاضنة للاستقرار، كما لم يتحدث لنا عن مكانة و رتب و دوائر هذه المؤسسات الضامنة للاستقرار. و بعبارة أخرى، فإن الوهم الذي سكن السيد رئيس الحكومة جعله يسقط في فخ السلطة و القوة و الرتابة و التكرار.
إن انكماش الديمقراطية التي باتت تعيشه بلادنا، يعتبر مؤشرا واضحا على عدم احترام الضوابط الأساسية القوية التي تضمن الانفتاح على نخب جديدة تملك العلم و الكفاءة و التجربة، متحررة، مستقلة، مواطنة و شفافة. و هي النخب الحداثية القادرة على ممارسة المهام و المسؤولية انطلاقا من نظريات و توجهات مؤسسة لممارسة سياسية بخلفية ثقافية موجهة و مؤطرة، و رافعة لهذه السياسة أو تلك.
ختاما، نقولها و بكل صراحة، الحالة الاجتماعية لواقعنا تهددنا بصراع ضروس و بانحطاط لا شفاء منه. و بالتالي، يجب على السيد رئيس الحكومة أن يعتذر للمغاربة و يفتح الباب لحوار و طني حول مستقبل البلاد، يشارك فيه الجميع، من أجل الاستعداد لمواجهة ظلام المستقبل.
الكاتب : | المصطفى المريزق |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2014-07-26 04:34:51 |