آخر الأحداث والمستجدات 

المتاجر الكبرى بالمغرب تبيع أسماكا ومنتجات بحرية مستوردة من الصين ملوثة بإشعاعات نووية

المتاجر الكبرى بالمغرب تبيع أسماكا ومنتجات بحرية مستوردة من الصين ملوثة بإشعاعات نووية

أمام الارتفاع الصاروخي لأثمنة الأسماك والمنتجات البحرية زاد إقبال المستهلك المغربي على أسماك ومنتجات بحرية مستوردة من دول جنوب شرق آسيا وخاصة من الصين، هذا الانتشار السريع دفع «المساء» إلى محاولة معرفة مصدر تلك المنتجات البحرية وطريقة إنتاجها وتعبئتها ومدى خطورتها على صحة المستهلك المغربي، خاصة أن من بينها منتجات بحرية مصطادة في المنطقة البحرية المعروفة باسم 61 التي صنفت من طرف منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» من أخطر المناطق على اعتبار أنها محاطة بالعديد من المفاعلات النووية مما يجعل منها أكثر المناطق البحرية الملوثة إشعاعيا في العالم.

3500 كيلومتر من الشواطئ وواردات مهمة من المنتجات البحرية

في شهر ماي الماضي منعت سلطات المكتب الوطني للسلامة الصحية شحنة من سمك «البانغا» المستورد من الفيتنام من دخول السوق المغربي، هذا المنع واتجاه المستورد إلى المحكمة الإدارية ضد المكتب المذكور سلط الضوء على نشاط مهم تبلغ أرقام معاملاته ملايين الدولارات ويتم خارج الأضواء رغم كونه يمكن أن يشكل خطرا على صحة المستهلك المغربي.

تؤكد الأرقام الرسمية أن المغرب من الدول البحرية التي تتوفر على 3500 كيلومتر من السواحل موزعة على واجهتين بحريتين بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. هاتان الواجهتان البحريتان مكنتا حسب المكتب الوطني للصيد البحري من إنتاج مليون و172 ألفا و973 طنا، خلال السنة الماضية 2013 تم تصدير ما قيمته حوالي 12 مليار درهم من تلك المنتجات خاصة إلى دول الاتحاد الأوربي، وإذا كانت صادرات المغرب من المنتجات البحرية قد وصلت إلى حوالي 12 مليار درهم، فإن واردات البلاد من المنتجات الغذائية وبينها المنتجات البحرية تتزايد كل سنة بنسبة تقدر بحوالي 15 في المائة حيث تجاوزت سقف 40 مليار درهم سنة 2012.

هذا الارتفاع في قيمة واردات المغرب من المنتجات البحرية هو مثال حي للمواد الغذائية التي غزت بطريقة مهولة السوق الداخلي وساهمت بصفة مباشرة في إثقال عجز الميزان التجاري المغربي، الذي بلغ 126 مليار درهم سنة 2013، بينما لم يكن يتجاوز سقف 22 مليار درهم سنة2000 حسب الإحصائيات الأخيرة للوزارة المنتدبة المكلفة بالتجارة الخارجية، كما يطرح علامة استفهام كبيرة على اعتبار أن البلاد تخسر مبالغ كبيرة من العملة الصعبة في عمليات استيراد منتجات بحرية ذات جودة ضعيفة من دول جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، مقابل مبالغ مالية ضئيلة من العملة الصعبة التي تحصل عليها من تصدير منتجات بحرية ذات جودة عالية خاصة دول الاتحاد الأوربي.

وتعود أسباب ارتفاع واردات المملكة من المنتجات البحرية رغم كونها تمتلك 3500 كيلومتر من الشواطئ إلى عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات البحرية، خاصة منها بعض أصناف الرخويات والقشريات وفواكه البحر التي يصدر جزء مهم من الإنتاج الوطني منها نحو الخارج، كما يعود هذا الارتفاع إلى افتقار البلاد إلى آليات حديثة وأنظمة تمكن من جعل المراقبة الصحية الحدودية بالموانئ بمستوى الدول المتقدمة التي تفرض شروطا صارمة على المنتجات الغذائية التي تدخل من الخارج، وهو ما يجعل من المغرب قبلة العديد من المنتجات الغذائية منها ما يشكل خطرا صحيا حقيقيا على صحة المستهلك المغربي الذي لا يولي كثير اهتمام لمصدر المواد الغذائية التي يستهلكها في مقابل الأثمنة الرخيصة مقارنة بالمنتوج المحلي.

 استهلاك مفرط للمنتجات البحرية الصينية

يستورد المغرب كميات هائلة من القشريات وخاصة الروبيان « crevette» خاصة من الصنف الذي يعرف بذي الأرجل  (crevette à pattes blanches)  والتي تستورد غالبا مقشرة ومجمدة، إلى جانب الرخويات شبيهة بالكلمار من صنف «ENCORNET» أو «POTA» الذي عكس ما يتوقعه العديد لإنه ليس كلمارا رغم أنه يباع على شكل دوائر شبيهة بالكلمار في الأسواق الممتازة.

ويتم بيع تلك الأسماك المستوردة مجمدة في المتاجر الكبرى، كما يتم استعمالها من طرف المطاعم ومحلات تحضير البيتزا وأطباق السمك المقلية ويزيد الطلب عليها يوما بعد يوم وخاصة في شهر رمضان لتحضير العديد من الوجبات نظرا لعدم دراية المستهلك المغربي بمخاطرها على الصحة. وتتوزع المنتوجات البحرية الآسيوية المستوردة بين المنتوجات البحرية يتم اصطيادها وأخرى تتم تربيتها داخل أحواض ضخمة.

ويعرف السوق المغربي وجود أنواع مختلفة من الأسماك والمنتوجات البحرية في مقدمتها الروبيان المستورد من الصين سواء البحري الذي تم اصطياده من المنطقة 61، أو الذي تمت تربيته داخل أحواض كبيرة مخصصة لهذا الغرض، إلى جانب دوائر بيضاء تباع على أساس أنها شرائح كلمار.

 إلى جانب المنتجات الصينية يعرف السوق المغربي انتشار نوع آخر من الأسماك يعرف بالبانغا وهو شرائح مجمدة لأسماك تتم تربيتها في غالب الأحيان داخل مزارع في نهر «الميكونغ»، الذي يعرف مستويات عالية من التلوث قبل أن يتم توجيهها إلى التصنيع والتصدير إلى الأسواق الإفريقية والعربية.

 مناطق صيد خطيرة

 بالرجوع إلى تقارير منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» قامت هذه الأخيرة بتقسيم جغرافي لمناطق الصيد وتربية الأحياء المائية في العالم إلى 22 منطقة، وصنفت المنطقة البحرية 61 الممتدة على سواحل آسيا الشرقية من أخطر المناطق على اعتبار أنها محاطة بالعديد من المفاعلات النووية، مما يجعل منها أكثر المناطق البحرية الملوثة إشعاعيا في العالم وتعرف انتشار مجموعة من الملوثات السرطانية على رأسها الهيدروكربونية الكلورية  PCB (Polychlorobiphényles والديوكسين (Dioxine).

وأظهرت المنظمة أن 80 في المائة من الإنتاج العالمي للروبيان يتم بدول شرق آسيا عن طريق تربيته داخل ضيعات بحرية تعتمد في تغذيته على الأعلاف المركبة التي تتكون أساسا من دقيق السمك المستورد من طرف الدول المنتجة والمكون من بقايا الأسماك المصنعة في بلدان أخرى ولضمان حفظها من الأكسدة تتم زيادة بعض المضافات والمواد الكيميائية التي يمكن أن تمثل خطرا على صحة المستهلكين في حالة تناولها.

 كما يتم في بعض الأحيان استعمال مجموعة من الأدوية الضارة بالصحة في مجال تربية الأسماك والتي تم حظر استعمالها دوليا لمعالجة القشريات من بعض الأمراض كالمضاد الحيوي «الكلورومفنيكول»، وهنا لابد من الإشارة إلى أن العديد من التحذيرات الصحية التي تم إطلاقها من طرف الهيئة العامة للغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة عقب رفض هذه المنتجات البحرية بسبب وجود متبقيات أدوية محظورة عالميا كـ»الكلورومفنيكول» و«النيتروفيران» أو بسبب وجود رواسب ملوثات كيمائية أو معدنية.

و للحفاظ على اللون الوردي للقيمرون من السواد يتم غطسه في أحواض مياه تحتوي على مضافات بكميات مركزة، إلى جانب أن التحضير يتم في ظروف تفتقد فيها أبسط الشروط الصحية.

 ترسانة قانونية ضعيفة

 وبخلاف الدول ذات الترسانة المتقدمة في مجال المراقبة الصحية للمنتجات الغذائية، فإن المغرب لا يتوفر على لائحة المؤسسات والوحدات المعتمدة داخل كل بلد مصدر، ولا يستطيع القيام بزيارات تفقدية لهذه الوحدات مما يجعل المراقبة الصحية تتلخص عند الموانئ الحدودية المغربية. فعلى سبيل المثال بالنسبة للاتحاد الأوروبي تقوم المفوضية الأوروبية الممثلة في المكتب الغذائي والبيطري بزيارات مراقبة جميع البلدان المصدرة لها للاطلاع على أماكن الإنتاج ورصد كل الاختلالات.

 ورغم وضوح مقتضيات القانون 28-07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومرسومها التطبيقي فيما يخص إلزامية التوفر على الاعتماد الصحي لمخازن المنتجات الغذائية خاصة منها سريعة التلف، فإن هذا الشرط لا يتم تطبيقه بصرامة في بعض الموانئ التجارية مما يجعل أي شركة قادرة على استيراد المنتجات البحرية المجمدة وبعد إخراجها من الميناء يتم تفريغها في ظروف غير صحية وتخزينها في مخازن غير معتمدة صحيا لذلك. إلى جانب وجود فراغ قانوني في إلزامية الإشارة إلى بلد المنشأ  (Pays  d’origine) وبلد المصدر(Pays de provenance)   في عنونة المنتجات البحرية المستوردة وبالتالي يتم استغلاله بأبشع الطرق، حيث تجدر الإشارة إلى أن جل فواكه البحر المستوردة القادمة من دول شرق آسيا، خاصة منها الصين، تتم إعادة تلفيفها في الإمارات العربية ويتم تصديرها إلى المغرب على أساس أنها منتجة في هذا البلد.

ورغم كل هذه المخاطر الصحية، فإن العديد من الحاويات المحملة بهذه المنتجات تدخل الأراضي المغربية ويوم وصولها إلى الميناء التجاري لا يتم أخذ عينات من أجل إنجاز التحاليل المخبرية عليها كما يقضي بذلك القانون. ومن جهة أخرى، يجب استحضار أن غياب نظام إلكتروني يمكن الإدارة العامة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية من التتبع المستمر لطريقة تدبير قرارات أخذ العينات يجعل الأرضية سانحة لإمكانية حصول تجاوزات، خاصة إذا علمنا أن تكاليف التخزين بالميناء طيلة الأيام التي تستغرقها التحاليل المخبرية، بالإضافة إلى أن تكاليف هذه الأخيرة تصل إلى حوالي 30 ألف درهم دون احتساب الوقت الذي تضيعه الشركة المستوردة.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : إسماعيل روحي
المصدر : المساء
التاريخ : 2014-07-22 16:17:02

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك