آخر الأحداث والمستجدات 

الصحة بمكناس بحاجة لطبيب

الصحة بمكناس بحاجة لطبيب

ما عشته خلال بداية الأسبوع بكل من المركز الصحي عين الشبيك ومستشفى محمد الخامس أمر لا يشكل الاستثناء عن حال الصحة بالمدينة، بل انعكاس واضح للحالة العصيبة التي لا يمكن تصورها إلا بعد معاينتها، فلو اجتمعت الجن والإنس على تشخيص الوضع ما استطاعوا، ومن يكذب ذلك فما عليه إلا بزيارة مؤسساتنا الصحية.

إن الأمر لا يقتصر فقط على ضعف التجهيزات الطبية، بل يتعداه إلى سوء المعاملة من أناس موظفين تلقوا من العلم الكم الوافر، وخبروا طرق التواصل النفسي والتعامل الإنساني مع مريض يعاني، قد تخفف أوجاعه ابتسامة أو حسن معاملة.
 صبيحة يوم الثلاثاء 31 يوليوز وجدتني مضطرا لزيارة المركز الصحي الحضري عين الشبيك برفقة ابنتي التي بلغت عامها الثاني، كانت النساء أمام باب القاعة رقم 1 تقفن فرادى أو حاملات أطفالهن، انتظرت ساعة رفقة ابنتي وزوجتي، خلال تلك المدة دخل عند الطبيبة ثلاث مندوبين طبيين ، لا أحد منهم استأذن صف المنتظرين، وكل منهم يأخذ كامل وقته في الحديث عن الحال والعائلة قبل أن يعرض ما لديه من منتوجات، بينما ينتظر الأطفال متألمين ومنهم من كان يصرخ دون أن ينال صراخه حظا من واجب مهني أو إنسانية ضائعة، أثار الأمر زوجتي ودخلت في نقاش مع مندوبة طبية دافعت عما تقوم به قبل أن أتدخل قائلا "ليس من حقكم الدخول والمرضى أمام القاعة،هل أنت أفضل من هذا الرضيع الذي يصرخ؟"
 جاء دورنا ثم دخلنا فطلبت الطبيبة منا زيارة قاعة الممرضات والحصول على رقم للولوج، وهو ما قمنا به، ثم دخلنا وأخبرناها بأن الطفلة تعاني من سعال منذ اليوم السابق تطور بسرعة، لم تفعل الطبيبة أي شيء، لم تتكلم مع الطفلة ولم تلمسها ولو بيدها، أخذت ورقة وحررت عليها ما يفيد بضرورة توجهنا على وجه الاستعجال إلى قسم طب الأطفال بمستشفى محمد الخامس، وبالرغم أني ألمحت لها بأن تفحصها لتخبرنا عن نوع السعال وسببه، وهو ما لا يتطلب سوى استعمال سماعة الطبيب التي كانت موضوعة على مكتبها، لكنها رفضت ولم تنهض من كرسيها. فربما لم يرقها حديثنا مع المندوبة الطبية. لم أناقشها كثيرا وحضرتني ليونة غير معهودة على الرغم من إلحاح نعرتي الحقوقية بضرورة إيقافها عند الخطإ الذي قامت به، بمستشفى محمد الخامس، التقيت وأنا ألج بوابته بإحدى طبيبات الأطفال، أخبرتها بأمر الطفلة فوجهتني نحو زميلتها بعدما كلمتها هاتفيا، استقبلتني الطبيبة، واستعملت السماعة التي لم تستعملها طبيبة المركز الصحي الحضري بعين الشبيك، وبسرعة حررت لائحة الدواء وطمأنتنا بأن الأمر لا يعدو كونه ضربة برد. فلماذا لم تقم طبيبة المركز الصحي بنفس العمل البسيط؟ هل كان هدفها أن تعاقبنا على اعتراضنا عن طريقة دخول أولئك المندوبين؟ قد يكون الاحتمال صحيحا خصوصا وأنني سبق أن عشت حدثا مماثلا بنفس المركز حينما قلت كلمة حق لم ترق الطبيب الرئيس فبدر منه سلوك كان موضوع شكاية قدمتها للمدير الجهوي، لا زالت مجهولة المصير.
 الحدث الثاني وقع يوم الأربعاء الموالي حينما أصيب ابني ذي الخمس سنوات بضيق في التنفس بعد حالة سعال، ولأن الأمر معتاد، بحكم اتباعه علاجا ضد الحساسية فقد توجهت به نحو مستشفى محمد الخامس قبل الإفطار، فوجدت طبيبا واحدا بقسم المستعجلات يواجه جيشا من المصابين والمرضى، استقبلنا ووصف لنا بعض الأدوية ، لكن الحال لم يتغير، فعدت بالطفل قرابة منتصف الليل إلى نفس المستشفى نظرا لقربه من مسكني، وقلت للطبيب أن الطفل يحتاج لحصة من الأوكسجين قبل أن أصحبه إلى طبيبه الخاص في الصباح، لكنه أجابني أنه لا يتوفر على أوكسجين بالمستعجلات، وأن الأنبوب الوحيد المشغل يحتاج إلى سرير أو كرسي وهو ما لا يتوفر عليه، وهو ما عاينته بنفسي، فكل مصادر الأوكسجين معطلة إلا واحدة، فأخبرته أنني بإمكاني أن أحمل الطفل إلى غاية أخذه حصته من الأوكسجين، لكنه رفض ورفع صوته ثم أمرني بأن أسلم لهم الطفل لكي يعالج في الطابق الثاني، وهو ما يفرض وجود شخص لمرافقته وانتظار منتصف اليوم الموالي ليكشف عليه طبيب الأطفال، وهو ما رفضته لكوني ذقت مرارة التطبيب بنفس القسم حينما عاش طفلي منذ سنتين نفس التجربة، تجربة لا يمكن أن أقبل تكرارها فهي أشبه بالجحيم.
 أخذت ابني إلى مستشفى سيدي سعيد فتلقى نصيبه من الأوكسجين بدون أية عراقيل، ثم عدت به إلى البيت، وفي الصباح الموالي أخذته عند طبيبه الخاص، لكون حالته لم تتحسن، فتلقى الطفل نفس العلاجات، لكن بطريقة لبقة وتعامل رقيق، وسخاء كبير من الحنان والعطف، فخرج الطفل مبتسما على خير مقابل 350 درهما، ولائحة جديدة من الأدوية، لكن مع حزمة من النصائح المفيدة والعلمية، على أن نعاود الزيارة يوم السبت.
 حينما أزور طبيبا في عيادته أكون شبه متأكد من العلاج، طبعا بإذن الله، لكن حينما أزور المستشفيات العمومية أكون على قناعة تامة أنني لا بد أن أقوم بشيء إضافي، تعرفونه جيدا، وإلا فقد أدخل في شجار مع أحدهم إن لم أضبط أعصابي، وإنه أمر يعيشه مغاربة هذا الوطن، والمكناسيون طبعا.
 لقد عايشت تجارب غاية في الدناءة، فكيف يقبل طبيب على نفسه أن يعامل طفلا بمنتهى الجفاء والشدة والغلظة ولا ينهض من مقعده حتى لفحصه أو أخذ وزنه؟ بينما تجد نفس الطبيب في العيادة يضاحك ويلاعب ويداعب الطفل ويحمله كالريشة من مكان لآخر؟ هل كل ذلك من أجل 200 درهم؟ والله إن الأمر لغاية في الرعونة الأخلاقية والاستخفاف بالواجب، ومع أن الحكم لا يقبل التعميم، فإن الاستثناء نادر في قطاع الصحة بمدينة مكناس. ارحمونا أيها الأطباء، كيف تقبلون على أنفسكم بهذه التصرفات؟ هل يطلب أبناء الشعب منكم صدقات أو مكرمات؟ نحن لا نحتاج سوى لشيء من العناية وقسط يسير من الاحترام لا يكلفكم شيئا.
 إن غياب الضمير عند عدد من الأطباء بمستشفى محمد الخامس بمكناس، وغياب المراقبة والعناية بالتجهيزات الضرورية ، بمثابة السرطان الذي ينخر القطاع بالمدينة، وقد يدخله غرفة الإنعاش إن استمر الإهمال على هذا الحال، فالصحة بالمدينة بحاجة لطبيب عام لأن الورم أصاب كل الأعضاء، ولنا عودة لتشخيص الداء في موعد قريب.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : حميد سرحان
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2012-08-04 17:47:10

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك