آخر الأحداث والمستجدات 

وجهة نظر حول حال المنظومة التربوية في أفق الإصلاح

وجهة نظر حول حال المنظومة التربوية في أفق الإصلاح

لم تكن عملية إصلاح نظام الشواهد الاشهادية وليدة وقفة تقويمية لازمة ،بل جاءت الهيكلة بعملية قيصرية ارتجالية لحظية....انه الإصلاح السياسي للمنظومة التربوية ....الامر التاريخي يجب جره لحاضرنا لمعرفة الإشكالات المرتهنة  للإصلاح...

يحكي التاريخ غير البعيد ان المدرسة المغربية بقيادة طلاب الجامعة كانت المحرك المشعل للشارع في ما يهم المطالب بالدمقرطة وكرامة العيش، والمغذي للأحزاب الوطنية بالكوادر السياسية ....يقص التاريخ الداني ان التلميذ /الطالب /الأستاذ له الكلمة الفصل في القول ....له الثقة الكاملة في الشؤون الحياتية والاجتماعية....ثم كثرت الإضرابات واشتدت بدعم أحزاب المعارضة ،مما خلق مأزقا دائما للدولة المخزنية بقيادة وزارة الداخلية للتدخل لإطفاء الخرجات الجنينية الطلابية للمطالبة بالإصلاح والحقوق والعدالة الاجتماعية...

ففي مطبخ الداخلية تم تحضير وصفة الطبخة الاصلاحية في نار هادئة، إصلاح كان الهدف الأساسي منه هو الهاء – بكسر همزة الحرف الأول - التلميذ /الطالب طيلة السنة الدراسية  بالمراقبة المستمرة/الامتحانات الموحدة /الامتحانات الاشهادية /الامتحانات التجريبية....الهاء كانت الوصفة السحرية منه ليست تجويد قيمة الشهادات الاشهادية، بل يستهدف عنوة كف السياسة عن مداخل الثانويات والجامعات ...فتم المراد بحمد الله. وتم ابتكار نقطة السلوك كمدخل للسلم الاجتماعي داخل المؤسسات المدرسية والمعاهد الجامعية...

ثم تم ابتكار الامتحان الجهوي من السنة الأولى من سلك الثانوي و التراجع عليه الى السنة الثانية (6 ثانوي)...انه الامر الذي وطن العزوف الحالي عن الفعل السياسي وهمش دور الشباب عن الانخراط في الاحزاب ...فشاخت الاحزاب وعادت تبحث عن عمليات الترميم لمكوناتها بغية التجميل التسويقي لوجهها المتجعد....

ولم تسلم النقط الممنوحة في الامتحانات الاشهادية من خطة الإصلاح .فنحن في المغرب لا نستغرب من بعض المظاهر فهي تعايشنا ونتعايش معها بأريحية ونمارسها في حياتنا الفردية والجماعية ....النفخ في النقط يمارس بمكشوفية ودون استحياء....انه تبرج المدرسة بالكشف الفاضح عن تمفصلاتها المزينة بألوان الحرباء الدائم التجدد، حتى امتد الامر الى تأسيس جيل مدرسة النجاح كيافطة اشهارية ...نفخ في النقط يمارس من القسم الأول ابتدائي الى متتالية الجامعة وغيرها من المدارس العليا... خريطة مدرسية تتحكم في رقاب التلاميذ بالنجاح والرسوب ، والتلميذ فيها أصبح عبارة عن رقم بياني ضمن دلائل مديرية التخطيط ،وانتهكت إنسانيته ومردوديته ضمن عملية الدفع الى الأمام للرفع من نسب النجاح ....

أسباب جعلتنا جميعا (أسرا/أساتذة/إدارة/سلطة مركزية) نلهث وراء حصد نقط للمتعلم حتى ولو بطرق غير مشرعنة  قانونا ،متمها التزوير البين ....و الابصام على الشواهد الاشهادية بالموافقة والرضا عن الأمر، وكأننا نجمع غنائم غزوة سنوية بتحسين نسب النجاح....

   فاذا كانت الاسباب حاضرة عند اعلى هرم سلطة المنظومة التربوية، فلما القول بان الجسم التعليمي بصحة جيدة ؟ فصك السلامة للمنظومة لا يعفينا من عرضها على "السكانير " للكشف عن الجراثيم المسرطنة  التي تنخر ولا زالت تنهش المنظومة التربوية بانتقال الداء الى عناصر أخرى من الجسم الاجتماعي والاكتفاء بوصفة طبية مكوناتها الاساسية مسكنات منومة للازمة...

   بيع النقط /النفخ في المعدلات ...أمور عدة لم نستطع ولو مرة من الصياح ضدها بقول "لا" ....انه بيع لأجيال المستقبل عبر سمسرة متدنية ....انه النفخ في البيانات ونسب النجاح ....انه الغربال الذي نرضي منه وقايتنا من الشمس المحرقة لكن أشعتها اصابتنا كرها ....

لا نستخف بالأمر،فالنقد اسهل من بناء صرح منظومة متوازية الاركان ....منظومة تهتم بالأصلح "الكفاءات" وتعالج المتعثر بالإدماج البيداغوجي ....

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الاكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2013-08-22 00:18:10

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك