آخر الأحداث والمستجدات
أزمة قطاع الصحة بمكناس تتفاقم والوزارة تماطل في حلها.. طبيب إنعاش واحد لحوالي مليون نسمة

تعيش المؤسسات الاستشفائية العمومية التابعة لمدينة مكناس، أزمة خانقة بسبب النقص الحاد في أطباء التخدير والإنعاش، ما أثر سلبا وبشكل مباشر على الخدمات الطبية المقدمة، خاصة في مستشفيات محمد الخامس، مولاي إسماعيل وسيدي سعيد.هذا الوضع الذي بات يهدد بتوقف العمليات الجراحية العاجلة ويؤثر سلبا على التدخلات الطبية الضرورية، ما يضع المرضى في مواجهة مخاطر صحية جسيمة.
وحسب ملف خاص نشرته جريدة الصباح في عددها الصادر نهاية الأسبوع، فإن الخصاص الطبي في التخدير والإنعاش بالمستشفيات المذكورة تفاقم في الآونة الأخيرة بشكل مثير، سيما بعد إحالة عدد من الأطباء على التقاعد دون تعويضهم، ما أدى إلى اعتماد طبيب واحد فقط في هذا التخصص على مستوى معظم المؤسسات الاستشفائية بالمدينة، التي تضم قرابة مليون نسمة وجراحون يدقون ناقوس الخطر بسبب توقف المركب الجراحي. وتكمن خطورة هذا الوضع في أن العمليات الجراحية والتدخلات الاستعجالية تتطلب وجود فريق متكامل من أطباء التخدير والإنعاش لضمان صحة وسلامة المرضى.
وحسب نفس المصدر تشير الأرقام إلى أن عدد أطباء التخدير والإنعاش في القطاع العام بمكناس تراجع بشكل مخيف من 196 طبيبا خلال فترة ما قبل جائحة كورونا إلى ما بين 28 و32 طبيبا فقط حاليا، ما يعكس أزمة حقيقية قد تؤدي إلى انهيار القدرة الاستشفائية.
وأمام هذا الوضع المتأزم، أفادت الجريدة أن الجهات المسؤولة لجأت إلى حلول وصفت بـ"الترقيعية"، من خلال تكليف إحدى الجمعيات بالتعاقد مع أطباء للتخدير والإنعاش لتعويض النقص الحاصل، بناء على شراكة مع مجلس العمالة. غير أن هذا الحل المؤقت لا يتماشى مع معايير الخدمات والجودة التي تتطلع إليها وزارة الصحة، ولا يضمن استقرار المنظومة الصحية على المدى الطويل.
في السياق ذاته، تساءلت جهات طبية ونقابية عن جدية الحديث عن إصلاح المنظومة الصحية في ظل استمرار النزيف الحاد في الكفاءات الطبية، وعدم قدرة القطاع العام على الاحتفاظ بأطباء متخصصين في التخدير والإنعاش، الذين يفضلون التوجه نحو القطاع الخاص الذي يوفر ظروف عمل أفضل ومريح.
هذا، وقد انعكست أزمة النقص الحاد في أطباء التخدير والإنعاش بشكل مباشر على الخدمات التي تقدمها المستشفيات، حيث توقف المركب الجراحي لمستشفى مولاي إسماعيل منذ حوالي أربعة أشهر بعد مغادرة طبيب التخدير والإنعاش الوحيد، ما أدى إلى تعطيل عدة عمليات جراحية، منها جراحة العيون، وخاصة عمليات إزالة المياه البيضاء "الجلالة"، إضافة إلى جراحة الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الوجه والفكين.ولم يكن مستشفى محمد الخامس في مكناس في منأى عن الأزمة، حيث توقف مركبه الجراحي المركزي لحوالي شهر تقريبا،بسبب وجود طبيب تخدير واحد يخدم جميع مستشفيات المدينة. ورغم تحرك جراحي المستشفى ومراسلتهم للإدارة، إلا أن الحلول الفعلية لم تطرح بعد، ما ينذر بمزيد من التدهور في الخدمات الصحية.
وبهذا ،بات من الضروري أن تتدخل الوزارة الوصية وبشكل فوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،وذلك بوضع استراتيجية مستدامة تضمن توفير أطباء التخدير والإنعاش في المستشفيات العمومية بمكناس، سواء من خلال تحفيز الأطباء على العمل في القطاع العام، أو عبر توظيف أعداد كافية من الخريجين الجدد أو تحسين ظروف العمل لجذب الكفاءات..
تجدر الإشارة، إلى أن أزمة النقص الحاد في أطباء التخدير والإنعاش بمستشفى محمد الخامس بمكناس على وجه الخصوص، طرقت باب البرلمان من جديد، بعدما لوحظ عجز وزارة الصحة في إيجاد حل ناجع وفوري لهذا المشكل الخطير. حيث اختار البرلماني المكناسي زكرياء بن وناس، تسليط الضوء على هذا الموضوع البالغ الأهمية والمثير للجدل ،بسبب الخصاص المهول في أطباء التخدير والإنعاش بمستشفى محمد الخامس على وجه الخصوص. حيث استفسر في سؤال كتابي له، وزير الصحة حول النقص الحاد في أطباء الإنعاش والتخدير بهذا المستشفى، الذي يتوفر على طبيب واحد فقط في هذا التخصص، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على برمجة العمليات الجراحية وتعطيل الحالات المستعجلة ومسار العلاج في العديد من الحالات، فضلا عن تأثيره سلبا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرتفقين.مختتما سؤاله الكتابي، باستفساره عن الإجراءات المستعجلة التي تعتزم الوزارة الوصية اتخاذها لتزويد هذا المستشفى بالأطر الطبية الكافية في أقرب الآجال، ضمانا لحسن سير هذا المرفق الصحي وتوفير العلاجات والخدمات اللازمة للمرضى في ظروف ملائمة.
من جهتها، راسلت النائبة البرلمانية والطبيبة سميرة قصيور عن فريق التجمع الوطني للأحرار، وزير الصحة والحماية الاجتماعية بخصوص هذا الموضوع، متسائلة عن التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها، من أجل تدارك الخصاص في أطباء التخدير والانعاش، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل تفاقم الوضع.
كما دعت الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش بدورها، وزارة الصحة إلى تحمل مسؤولياتها كاملة لحماية ممرضي التخدير والانعاش والمواطنين، مما قد ينتج عن هذه "الاجتهادات" غير القانونية، ويولد احتقانا حادا بالمركبات الجراحية، معلنة في هذا الخصوص، تضامنها المطلق واللامشروط مع ممرضي التخدير والإنعاش بمكناس.
الكاتب : | الصباح/حميد بن التهامي(مكناس) |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2025-03-01 15:11:27 |