آخر الأحداث والمستجدات 

محسن الأكرمين يكتب : استقالة عبد الإله الدجالي خسارة لمدينة وحزب

محسن الأكرمين يكتب : استقالة عبد الإله الدجالي خسارة لمدينة وحزب

ليس من عادتي أن أنشر بُخورا متدفقا نحو سياسي مهما كانت صفته ومهامه. ليس من عادتي أن أتمسح بالتَّيمُمِ على سبيل تلميع صورة وخلق بهرجة ومدح مُسرف في فيض تمجيد الألقاب والبطولات، لكني اليوم سأكسر تلك العادة بالجُزئية، وغالبا ما يكون السبب تقديريا بالمكانة الرمزية، وقيمة بالمعيارية الاعتبارية، وكذا المكانة السياسية النظيفة. 

خبرت الرجل من خلال جلسات مجلس جماعة مكناس العمومية. رجل يحمل ملامح الجدية، وصوت ابن الشعب بالوثوقية في الكلام والقرارات والمواقف. رجل لا يمارس لغو الكلام المباح (البوليميك السياسية الهش). رجل لا يُعتبر من (الفهامية) بلا تجديف منطقي رزين، ولا هدف أساسي. رجل يتكلم ببحة الصدق، وفي حركة يديه دلالة على أن كلامه نابع من الواقعية والبساطة، ومن أفواه ومطالب الساكنة التي ائتمنته على تمثيلها في مجلس المدينة.

 

عرفت الرجل صُدفة، ولم نَعمل على صناعة (بروتوكيل) اللقاء وتبادل الألقاب والصفات، بل كانت عفويته وطلاقته، وسعة صدره تتسع للجميع، ولا يُمانع من توزيع ابتسامة طيعة لا تحمل نزق السياسيين من فئة المداهنين أو المارقين عن قيم وفكر علم السياسة الأصيل.

رجل كانت جُلُّ مداخلاته في دورات مجلس جماعة مكناس، تصنع صمت القاعة عن طواعية، وتجاه شخصية لا تجادل عن فراغ. رجل محبته الطيعة تجلب الاستماع لكلماته الدالة والمربكة والمستفزة للتدبير الفوضوي الذي كان يسود، حتى من صنف خصومه السياسيين. رجل لا يحمل (براغماتية) الحزب الذي يمثله (البام) بالتفريط، بل كان يُعبر بكل أريحية من قلب مواطنته، ويمكن أن يخرج عن السطر، لكن بعلامات تنبيه ونقاط نظام سديدة. رجل كان يصنع التفرد النوعي/ الجديد والسياسي، ولا يُمانع نفسه من دعم كل النقاط التي قد تخدم تمكين المدينة من أقساط عدالة التنمية.

رجل يبتعد عن كل التكتلات الحارقة، والتي تصنع غالبا تحت الطاولة، وجعلت من مجلس جماعة مكناس يعيش الشتات والشيع في التكتلات، ومواقف القبائل والفصائل (من يناصر زيد...ومن يمانع عمرو على البقاء...). رجل بقي وفيا لمبدأ التمثيل السياسي الحزبي (البام) في مجلس المدينة، فلم نسمع يوما سوء قيل في حقه حتى مِنْ مَنْ كان ينتقدهم بحدة القول والرأي والمجادلة.

 

استقالة عبد الإله الدجالي، جاءت عكس موجة التيار الوصولي الذي يمكر ويتمرد داخل ردهات مجلس جماعة مكناس، ولو يقدر على اتخاذ قرار الاستقالة ولو بالتلميح !!! استقال الرجل ولم يوزع الاتهامات بالتنويع نحو حزبه (البام)، ولا نحو الفرقاء السياسيين بالمجلس، بل جعل من استقالته تتعلق (بتداعيات سلبية على وضعيته الصحية) مما يجعل قلب الرجل لم يبق يقدر على تحمل أناة مدينة، وصبرها عن غياب تنمية مندمجة وتكاملية. لم يقدر الرجل يوما على الانخراط في متاريس الفعل السياسي (التطبيل والتهليل) غير الرزين بمجلس جماعة مكناس.

 

 استقالة عبد الإله الدجالي وفي نفسه شيء من (حتى) والتي تُغيبُ التنمية والتوافق بمدينة المتناقضات والمتنافرات. استقالة عبد الإله الدجالي من هياكل الحزب (البام)، وهو الذي كان خير مترافع في صنف المعارضة، ولم يغير جلده السياسي الحزبي !!! بحق إنها خسارة سياسية لحزب الأصالة والمعاصرة أولا في ضياع إطار سياسي خلوق ملتزم، وصدوق لا يعرف نفاق ورياء السياسيين الجدد. بحق إنها خسارة لمجلس جماعة مكناس، من خلال ضياع صوت كان يمارس عدل القول، ويبحث عن صنف الكرامة الاجتماعية بمدينة السلاطين.

 

استقالة عبد الإله الدجالي سيجلها التاريخ مكتوبة، وبأنه لم يعد يقدر على المشاركة في مسرحية (الكوميديا السوداء) بمجلس جماعة مكناس !!! ومن بين الملاحظات التي أنتهي بها بالختم، أن مكناس تحسن ذبح السياسيين من طينة الرجال الأوفياء للقيم والمبادئ (عبد الإله الدجالي/ نموذجا). تحسن ذبح السياسيين الذين لا يمكن قياس حضورهم الوازن بالمنافع، ومغارم الريع (حلال).

 

 

 

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-02-12 21:43:29

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك