آخر الأحداث والمستجدات
ما يعادل 400 مليون سنتيم يوميا تستنزفها سجون المغرب ودعوة لفتح حوار وطني لاقتراح عقوبات بديلة
أوصى المشاركون في دورة تكوينية نظمت نهاية الأسبوع الأخير بمكناس ، حول موضوع "السياسة الجنائية والعقوبات البديلة "، بضرورة فتح حوار وطني من شانه أن يسرع بسن قوانين جنائية جديدة تعتمد مقاربة العقوبات البديلة لتقوم مقام العقوبات السالبة للحرية ،كإجابة قانونية لرد الفعل الاجتماعي عن بعض الجنح والمخالفات.
ودعى المشاركون في هذه الدورة،التي نظمها المكتب الوطني للتحالف المدني لحقوق الإنسان بمكناس بشراكة ودعم من وزارة العدل، إلى الانكباب بشكل جدي لإخراج هده القوانين للوجود التي تروم مراجعة السياسات العقابية والجنائية لما سيكون لها من انعكاس ايجابي على منظومة التشريع الجنائي بشكل عام ومن خلاله على التخفيف من وثيرة الاكتضاض بمجموع سجون المملكة .
وركزت المداخلات ذاتها حول مصاحبة دلك بسلسة من الدورات التوعوية والتحسيسية لتقبل مقاربة العقوبات البديلة من طرف المجتمع المغربي المعروف بخصوصية عقليته المتشبعة بالنمط الجزري التقليدي، ومن هدا المنطلق محاولة إقناعه قصد بلورة رؤية استشرافية تعبد الطريق وتسهل الانتقال به الى تنزيل نظام جنائي جديد يفي بالغرض المطلوب .
وخلال افتتاح هذا اللقاء ، أبرز الدكتور محمد أحداف ، الخبير الدولي في السياسات الجنائية والأمنية ،العناوين الكبرى لاعتماد هدا النمودج العقابي مستندا في دلك على دراسة معمقة سبق له انجازها في الموضوع سنة 2014 وقدمها لهياة الأمم المتحدة حول آثار إعمال العقوبات السالبة للحرية بالمغرب ، مستعرضا بعض اوجه الاثار السلبية لهدا النمط العقابي الوحيد ، مشيرا في تشخيص لواقع الحال بالمغرب او ما اسماه بأزمة سياسة جنائية متجاوزة.
وأوضح الخبير الدولي ان الارتفاع المهول والمتزايد لعدد ساكنة سجون المغرب الدي وصل الى ارقام قياسية تجاوزت 80000 نزيلا ، 47 في المائة منهم معتقلون على وجه الاحتياط ، وحسب ذات الدراسة يقول الدكتور أحداف، أن تكلفة إقامة هده الساكنة التي باتت تؤرق بال الساهرين على القطاع تتعدى 400 مليون سنتيم في اليوم ، على اعتبار متوسط صرف يومي يتراوح بين 50 و 70 درهم لكل نزيل،وهو رقم جد مكلف لميزانية الدولة .
وأكد الدكتور أحداف أن بلدنا تأخر كثيرا في فتح نقاش جدي وهادف حول الموضوع الذي يستأثر باهتمام المجتمع الأكاديمي والحقوقي على مستوى فلسفة العقاب التي يجب أن تستحضر معها يقول مجموعة من المعطيات لتحقيق النتائج المرجوة من العقوبات البديلة والرامية أساسا لتجاوز إشكالات إعادة الإدماج وخفض تكلفة الإقامة ،مبرزا في هذا الاتجاه، جملة من التجارب الناجحة بمجموعة من الدول الأوروبية والأمريكية مؤكدا على ضرورة توسيع التصورات المتعلقة بالعقوبة البديلة ، لتشمل التأهيل الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي كمداخل اساسية لتنزيل العقوبات البديلة على ارض الواقع .
من جانبه ركز عبد الرحمان بندياب رئيس المكتب الوطني للتحالف المدني لحقوق الإنسان على الإكراهات والصعوبات التي تعيق تحقيق الأهداف المنشودة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي بقدر ما تسعى إلى أنسنة ظروف اعتقال السجناء عن طريق الخدمات المقدمة للنزلاء والمتمثلة على الخصوص في الصحة والتعليم والتكوين والأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية ، بقدر ما تصطدم بواقع يطبع العمل بالمؤسسات السجنية أهمها ظاهرة الاكتظاظ التي يعزى أحد أسباب تفاقهما في عدم مواكبة السياسة الجنائية لتطور الجريمة في المغرب .
وأضاف بندياب الذي كان يتكلم بنبرة حسرة كبيرة وهو من مر بتجربة اعتقال قصري، مكنه من الاطلاع عن قرب على واقع ظروف الاعتقال داخل السجون ، التي وصفها بالغير إنسانية ،كما مكنته هده التجربة ليقف كذلك على الظروف الصعبة لاشتغال موظفي المندوبية العامة في تدبير شؤون هده المؤسسات، موضحا آن جل العاملين بهده المؤسسات السجنية هم أصحاب مستويات تعليم عالية ،حاصلون على شواهد وديبلومات عليا، لكن دمجهم وسط قانون تنظيمي متقادم يقول بندياب جعلهم يستفيدون من رواتب وتعويضات دون مستويات القطاعات الأمنية المتشابهة .
إلى ذلك دعى نفس المتحدث إلى ضرورة إعادة النظر في الأوضاع المادية والاجتماعية.لموظفي قطاع السجون وإنصافهم وذلك بما يتناسب مع طبيعة المهام المسندة إليهم وحجم الأخطار اليومية التي يواجهونها، أخذا بعين الاعتبار ضرورة المماثلة مع باقي القطاعات الأمنية المشابهة ورفع الحيف على هذه الفئة من موظفي الدولة التي تخضع لنظام شبه عسكري وتعتبر من حملة السلاح، وبحكم مساهمتهم الفعالة في الحفاظ على الأمن الداخلي لبلادنا.
الكاتب : | عبد الصمد تاج الدين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2022-03-20 13:18:43 |