آخر الأحداث والمستجدات
مفاتيح لفهم فضيحة جماعة مكناس
صادق مجلس جماعة مكناس في دورة فبراير العادية شكلا وغير العادية مضمونا ، على شراكة مع شركة " سيتي كلوب " الرياضية الخاصة من أجل تفويت ثلاث منشآت جماعية للشركة قصد استغلالها بمقابل مبلغ مالي لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد .
وحتى نضع الجميع في صورة المعلومة فإن الأمر يتعلق بالمسبح البلدي المغطى الخاص والذي كان يستغل سابقا من طرف جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وموظفات جماعة مكناس ، والذي تبلغ مساحته حوالي 4000 متر مربع بمقابل مالي بلغ حسب الشراكة 20 مليون سنتيم سنويا ( مع العلم أن المسبح البلدي المجاور وفي فصل الصيف فقط ،وبالرغم من سوء التدبير الذي يعرفه، يدر على الجماعة ضعف المبلغ ).
المنشأة الثانية هي المسبح الأولمبي باب بوعماير والذي تم تهييؤه من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتم افتتاحه السنة الماضية فقط ، والذي تبلغ مساحته أيضا حوالي 4000 متر مربع، لا أحد يستطيع أن يستوعب لماذا سيتم تفويت مشروع تابع للمبادرة الموجهة أساسا للفقراء والطبقات الهشة لشركة عملاقة خاصة ومن أجل إنجاز مشروع بإمكان المبادرة ذاتها إنجازه وبنتائج مالية واجتماعية أفضل بكثير ، تم هل هذا التفويت كان مبرمجا ضمن الأهذاف التي على أساسها استفادت منه المبادرة ؟
أما المشروع الثالث فيتعلق بمنتزه الرياض، ودون الدخول في تفاصيل نزع الأرض الخاصة من أصحابها من أجل المنفعة العامة والتعويض الهزيل الذي تلقوه ورفضه بعضهم ، فإن تفويت حوالي سبع هكتارات من أصل 11 هكتار للشركة ودون تحديد ثمن تفويت الاستغلال بمبرر حجم المبلغ المستثمر بل واعتبار الاستثمار في حد ذاته مقابل تقدمه الشركة للجماعة، فلهو قمة العبث وتبذير الملك العمومي الجماعي.
طيب ، بعدما تعرفنا على الصفقة/الشراكة/الجريمة لنطرح أسئلة أولية بلغة بسيطة وواضحة قد تساعدنا على فهم أبعادها واستجلاء حقيقة مايحاك من مؤامرات تلتقي فيها لغة المصالح الخاصة على حساب الملك العمومي المكناسي :
أولا: لماذا أعيدت الصفقة للمجلس في آخر سنة من ولايته بالرغم من أنه سبق ووافق عليها بمقرر رسمي اعترضت عليه العمالة آنذاك بمبرر وجود برنامج تابع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لايمكن تفويته لشركة خاصة ؟ ما الذي استجد حتى أصبح المشروع يلقى القبول من جميع الأطراف ؟
ثانيا: لماذا اختارت الجماعة صيغة الشراكة مع القطاع الخاص عوض فتح المشروع أمام المنافسة في إطار صفقة عمومية مفتوحة وفق الضوابط القانونية المعمول بها والتي يمكن تتقدم في إطارها عروض أفضل استثماريا واجتماعيا وتشغيليا وبأثمنة أكبر تعود بالنفع على ميزانية الجماعة التي تعاني العجز والتفقير،أو لماذا لم تحدث الجماعة شركة للتنمية المحلية من أجل تدبير هذه الفضاءات وتشغيل العديد من أبناء وبنات المدينة الذين يعانون من البطالة والتي تفوق 15 في المائة وسط الشباب المكناسي الأقل من 35 سنة ؟ صحيح أن الشراكة أمر قانوني ومن صلاحيات المجلس ولكن هل كل ماهو قانوني بالضرورة أخلاقي يعود بالنفع على المدينة ؟
ثالثا: لماذا أصر السيد الرئيس عبد الله بوانو على اعتماد التصويت على الشراكة بالرغم من علمه بحجم الانقسام حولها حتى من داخل حزبه وهو الذي طيلة ولايته الجماعية كان يجنح " للسلم الجماعي" باحثا عن أكبر قدر من التوافق الممكن؟ ومادوافعه ورهاناته الشخصية وراء ذلك ؟وهل تضمن برنامجه الانتخابي الذي حصل به على أصوات من انتخبوه وتعاقد معهم على أساسه ، أي بند يقضي بتفويت أملاكهم للخواص وبمقابل أقل مايقال عنه أنه لايتناسب مع مساحة العقار ولاموقعه ولاقيمته الرمزية والتاريخية بالمدينة ؟
رابعا : ألا يكشف مبرر تعرض المنشآت للتلف وعجز الجماعة عن تدبيرها عن ضعف بل عجز وفقر في إبداع طرق ومشاريع تحافظ للمكانسة على ملكهم الجماعي وفي نفس الوقت توفر لهم فضاءات عمومية ومتنفسات ترفيهية و تنمي مداخيل الجماعة دون التأثير على قدرتهم المعيشية ولا التفويت لشركات خاصة ذات أهذاف ربحية أولا وأخيرا. وإذا كان كل مجال أومرفق عجزت الجماعة عن تدبيره ستفوته لشركة خاصة فما الحاجة إذن للمجلس الجماعي فلنقم بتفويت تدبير المدينة لشركة خاصة وفق دفتر تحملات نوافق عليه في الانتخابات الجماعية المقبلة ولتذهب الانتخابات والمؤسسات التمثيلية والديمقراطية إلى الجحيم. تم إن المنشآت التي نتحدث عنها سبق للجماعة والمبادرة أن خسرت أموالا طائلة عليها من أجل تجهيزها وعوض أن تحاسب الجماعة على فشلها وتبذيرها للمال العام في مشاريع تعترف بنفسها بفشلها ،أو إفشالها لنيات مبيتة ، تسلك سياسة الهروب إلى الأمام ، فلم يكفها تبذير المال العام لتضيف إليه اليوم تبذير الملك العام .
خامسا : هل كل ما أشرنا إليه أعلاه يسئ لشركة "سيتي كلوب " ولأصحابها، وهل يضع العراقيل في وجه الاستثمارات الوطنية والأجنبية؟ طبعا لا، نحن نرحب بالشركة نظرا لريادتها وسمعتها في المجال ، لكن بالمقابل نحن من حقنا أن نتحاسب كمكانسة مع من انتخبناهم وائتمناهم على ملكنا العمومي وحقوقنا الجماعية ، فالشركة من حقها البحث عن سبل الربح الخاصة كما من حقنا كمكانسة التصدي ومنع سبل الخسارة العامة.
الخلاصة وكما سبق وأشرت في إحدى تدويناتي الفايسبوكية فإن الأمر يتعلق بفضيحة أخلاقية وبجريمة سياسية من المفروض على كل مكناسي غيور على مدينته ومستقبلها أن يتصدى لها بكل الطرق والسبل القانونية المتاحة ، وإذا اعتبر البعض أن هذا القول فيه لغة تحريضية فله ذلك ، أما نحن فنعتبره لغة استنهاضية للروح الوطنية المكناسية من أجل الانخراط في الشأن العام والنقاش العمومي وتملك ثقافة الدفاع عن المصلحة العامة للمدينة ومن خلالها للوطن ككل .
الكاتب : | علي اجليلي |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2021-02-08 12:36:06 |