آخر الأحداث والمستجدات 

ماذا نريد من الحياة ؟

ماذا نريد من الحياة ؟

في الواقع ، الحد الفاصل بين الشعور بالتعاسة أو السعادة هو إيجاد إجابة واضحة و صريحة عن أسئلة تؤرق كل فرد يطمح إلى الاندماج بشكل سليم داخل مجتمعه ، ماذا تريد من الحياة ؟ ما الذي تريد الكفاح من أجل الوصول إليه ؟ ما الألم الذي أنت مستعد للشعور به من أجل تحقيق أحلامك ؟

وحدها تلك الأسئلة هي التي تحدد مدى قدرتنا على تغيير نمط حياتنا أو بالأحرى تحديد مصير مستقبلنا .

كل إنسان يريد أن يعيش حياة سهلة مريحة بدون مشاكل ، يسافر ، يعمل ، ينجب ، ينجح ، يقع في الحب ، يبدو جميلا و محبوبا من الجميع ، ينسج علاقات اجتماعية حميمية و هادئة بعيدا عن صخب الحياة و همومها و يحظى باهتمام و احترام و حب كل من حوله ، ببساطة أن يعيش السعادة .

من السهل أن نحب كلنا هذه الأشياء لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل من السهل تحقيقها ؟

أسئلة تجعلنا ندخل في زوبعة ذهنية صعبة ، فوضى أحاسيس تجتاحنا بمجرد التفكير في إمكانية الإجابة عليها ، تثير بدواخلنا مشاعر ألم نفسية و عاطفية ، ليحيلنا إلى سيل أسئلة أخرى ، ماذا لو لم نستطع تحقيق كل ما نطمح إليه ؟ و هل نحن حقا على دراية بما نريده من هذه الحياة ؟

ما يحدد نجاحنا ليس "ما نرغب في الحصول عليه و التمتع به"، ولكن "الألم الذي يمكننا تحمله في رحلة كفاحنا من أجل تحقيقه"، الأمر الذي يتطلب منا الانصهار مع ذواتنا ، أن نستنشق عبق نقاء الطبيعة من حولنا ، نصر على تحقيق أحلامنا حتى لو كانت صعبة و عنيدة و ألا نتنازل عن الوصول إليها ما دمنا على يقين أنها حق من حقوقنا ، أن نؤمن أن المستحيل سيظل مجرد وجهة نظر .

ففي الحقيقة السؤال عن السعادة و المتعة سؤال سهل في متناول الكل باختلاف فئتهم العمرية أو حتى انتمائهم الاجتماعي ، لكن السؤال الأصعب هو السؤال عن الألم ، ما هو الألم الذي يمكنك تحمله و مكابدته في حياتك لتحقيق أهدافك ؟

السعادة التي يطمح إليها كل منا لا نجد لها وجودا حقيقيا ، فلو سألنا الإنسان عن مفهوم السعادة لن نجد على الأرجح جوابا مقنعا .

مهم جدا لتحقيق أحلامنا أن نعيش «التوازن» بين ما نرغب فيه وبين ما يوجد من حولنا، بين قدراتنا و أهدافنا في الحياة ، أي أن نعي مليا الجواب على سؤال " ماذا تريد الحياة منا ؟ " .

أغلبيتنا يضع هدفا و يركض عمرا بأكمله من أجل الوصول إليه و نسعى جاهدين لتحقيقه و ننسى أنفسنا و صحتنا و واجباتنا اتجاه من هم بحاجة إلى اهتمامنا و رعايتنا ، فنفاجأ في النهاية بغربة مع ذواتنا لتكبر المسافة بيننا و بين أنفسنا و يسقطنا في هوة قلق نفسي يدمر حياتنا و يقربنا أكثر من التدمر و الخوف من المستقبل .

«التوازن» يجعلنا نعمل ونجتهد، وفي الوقت نفسه نقوم بواجباتنا و نتحمل مسؤوليات أخرى مع من نحب أيضا، أن نستمتع بنجاحاتنا و ألا نستغل الوقت في عدم استغلاله ، أن نفرح مع بعضنا ولا ننتظر الغد لكي نفرح ، ما يلزمنا لتحقيق ذلك هو إتقان فن التخطيط للمستقبل ، فليست الصعوبة في تحديد ما نريد و لكن التحدي الأكبر هو اختيار الطريق المناسب للوصول إليه .

بعض الناس، إن لم يكن الكثير منهم لا يعرفون إلى أين هم ذاهبون في الحياة بل ولا يهتمون بهذا الأمر،.يحبطون عندما لا يجدون طريقا سهلا يوصلهم إلى مستقبل زاهر، يودون مواصلة مشوار الحياة وارتقاء سلم النجاح ولكن لا يستطيعون ، ثم يعاودون الكَرَّة دون جدوى ، توقعات تحقيق النجاح عندهم قصيرة المدى ، يحاولون محاكاة أفعال الناجحين ويخيل لهم أنهم يتخطون العقبات وفي الواقع هم جامدون في مكانهم ، قراراتهم كلها منسية لا يملكون القدرة على ترتيب أولوياتهم في الحياة إما يعيشون تفاؤلا مفرطا في واقعه و إما يعيشون رعبا من المجهول و كل هذا يرجع بالأساس إلى عدم القناعة بجدوى التخطيط للمستقبل و الجهل بأهميته ، ففشلهم في التخطيط هو في نفس الوقت تخطيط للفشل ، فالتخطيط تصور عقلي لموقف مستقبلي تتخذ اتجاهه مجموعة إجراءات و خطوات عملية لتحقيقه ، أن تحمل رؤية و رسالة و أهداف واضحة و قابلة للتحقيق ، فهو ليس خيارا إضافيا بل حاجة ضرورية في حياة كل فرد .

بالتخطيط ستصبح الرؤية المستقبلية أكثر وضوحا و بالتالي نكتسب الثقة في أنفسنا و نصير على يقين أن عملنا اليومي هادف ، نصبح قادرين على العيش بموضوعية و مصداقية مع الذات و الآخر، نتقن منهجية في تفكيرنا و سنمتلك بالموازاة قدرة على الاستفادة من نقاط القوة لدينا و نتجنب نقط ضعفنا .

فصفات الخطة الحياتية السليمة أن تتميز بالموضوعية ، المرونة ، التوازن ، الواقعية ، الشمولية ، و الاستمرارية مدى الحياة و ذلك باتباع مراحل بسيطة أهمها :

-حصر الاحتياجات و تحويلها إلى أهداف مع تشخيص الوضعية الحالية و التعرف على قدراتنا الذاتية و تحديد أهدافنا و رسالة واضحة في الحياة .

-تحديد خطوات التنفيذ باستخدام مهارات حياتية مقننة و برنامج زمني محدد.

-المتابعة و نقد ذاتي لتقويم المنجزات.

و علينا ألا ننسى أن لدينا القدرة الكافية لتحويل فشلنا إلى كون من غبار لا ملامح له في مشهد لا يراه إلا من يؤمن بحقه في تحقيق أحلامه . فمهما أخطأنا و نحن نصوب نحو القمر ، سنصيب النجوم ، فالسعادة مفهوم نسبي نحلم به و نمثله على مسرح الحياة .

ذة رجاء قيباش / كاتبة / إعلامية / كوتش أسري و تربوي / مدربة معتمدة / باحثة في علم الاجتماع

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : ذة رجاء قيباش
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2019-10-08 21:09:29

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك