آخر الأحداث والمستجدات
بعد الرياضة الثقافة بمكناس تحتضر : المهرجان الكارثة وترحيل المهرجان الوطني للمسرح نموذجا
بعد نكسة الفرق الرياضية المكناسية وتدحرجها إلى مراتب لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعها،جاء الدور على الثقافة التي تعيش اليوم أسوء أيامها،بعد تلقيها ضربات متتالية كان أخرها تنظيم مهرجان بارتجالية لا مثيل لها خلق الكثير من الجدل ودفعت بالعديد من أبناء المدينة من إعلاميين ومثقفين ومهتمين بالشأن الثقافي الى مقاطعة كافة أنشطته.
المهرجان الكارثة
يعد المهرجان المنظم خلال هذه الأيام من طرف جماعة مكناس رصاصة الرحمة القاتلة للشأن الثقافي بمكناس حسب العديد من المتتبعين، فرغم أن الحدث الذي تحتفي به الجماعة له مكانة كبيرة عند عموم الساكنة ومصدر فخر لها،والمتعلق بعشرينية تصنيف العاصمة الإسماعيلية تراثا عالميا،الا أن الاحتفالية التي تم تخصيصها لهذه المناسبة لم تكن في المستوى المطلوب لاعتبارات عديدة،نتمنى من الإخوة في اللجنة المنظمة تقبلها بصدر رحب.
المهرجان في نظري ولد بعيوب خلقية كثيرة أبرزها عدم إشراك فعاليات المجتمع المدني سواء المهتمة بالشأن الثقافي أو بتراث المدني في اقتراح فقرات برنامجه،فرغم ما تزخر به المدينة من كفاءات شاركت في تنظيم تظاهرات وطنية ودولية كبيرة،لم يستشر ولم يتم إشرك أحد منهم في مهرجان قيل أنه يحتفي بالمدينة وساكنتها،حيث فوجئ العديد منهم لحظة الإعلان عن مهرجان يحتفي بعشرينية تصنيف مكناس تراثا عالميا،شأنهم شأن رجال الإعلام بالمدينة،كما أن تغييب العديد من فناني المدينة خاصة الفرق المهتمة بالتراث المكناسي أفقد برنامج المهرجان صبغته المكناسية،قبل أن تتدارك اللجنة المنظمة الأمر بعد تعالي الأصوات المنددة بذلك،ليخضع برنامج المهرجان لأكثر من تعديل،كما أن بعض الفرق لم تعلم بأمر دعوتها لإحياء سهرات المهرجان إلا في اليوم الأول الذي سبق افتتاحه،كما هو الشأن لفرقة عيساوة برئاسة الفنان عبد الصمد هادف.
من جهة أخرى وكدليل على الارتجالية التي ميزت تنظيم المهرجان،لجنته المنظمة التي يجهل عناصرها،والذين حددهم أحد الأصدقاء في ثلاثة : موظف واحد تابع للقسم الثقافي بالجماعة والمستشارة الجماعية عن حزب العدالة والتنمية أسماء خوجة المفوض لها قطاع الشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية،وصاحب شركة معروفة بتموين الحفلات تحتكر غالبا تموين حفلات الجماعة.
ارتجالية التنظيم تجلت كذلك في الجانب المتعلق بالبرمجة،حيث تغير برنامج المهرجان أكثر من مرة،فبالإضافة الى الفرق المدعوة لإحياء سهرات المهرجان،تغير برنامج اليوم الأول منه بتأجيل افتتاح معرض التراث الى اليوم الموالي،هذا بالإضافة الى العثرات الكثيرة التي صادفت مقدمة السهرات،وكذا استقبال ضيوف المهرجان،الذين خصصت لهم دعوات محددة التاريخ والمكان،الأمر الذي تم الإستغناء عنه في باقي السهرات رغم أن اللجنة المنظمة خصصت دعوات للحضور لها،لتتراجع عن ذلك بسبب العزوف الكبير للجماهير التي أمطرت الصفحة الرسمية للمهرجان بالسؤال عن مجانية الدخول لحضور سهراته.
كما أن عدم تنظيم ندوة صحفية قبل موعد انطلاق المهرجان كما هو معتاد في المهرجانات الوطنية الكبرى، يطرح العديد من علامات الاستفهام أهمها اللجنة التي تقف وراء تنظيم هذا المهرجان ؟وكذا الشركاء والجهات المساهمة في تمويله عمومية كانت أو تابعة للقطاع الخاص ؟،هذه التساؤلات دفعت برئيس الجماعة خلال حفل افتتاح المهرجان الى الإجابة عن بعضها بعد استشعاره للانتقادات المتعلقة بهذا الشأن، بلغة تفتقد للدقة وفضفاضة خاصة الجانب المتعلق بالجهات التي مولت المهرجان،فعوض ذكر شركاء المهرجان في القطاع الخاص بالإسم ووضع أسماء مؤسساتهم في جميع ملصقات المهرجان،حصرهم السيد بووانو في "رجال أعمال" من مكناس،وكأن الأمر يتعلق ب"عرس" وليس مهرجان من تنظيم الجماعة.
ترحيل المهرجان الوطني للمسرح
الإنتكاسة الأخرى التي أصابت الوضع الثقافي بالمدينة،والتي تقلل من شأن عاصمة المولى اسماعيل،هو ترحيل مهرجان المسرح الى مدينة تطوان،بعد 16 سنة على احتضانه في مدينة مكناس منذ دورته الأولى.
فالبرغم من اللقاء الذي عقده وزير الثقافة بوفد يمثل جماعة مكناس يرأسه عبد الله بووانو،والوعد الذي قطعه الصبيحي لهذا الوفد والمتمثل في "بحث رجوع المهرجان إلى موطنه الأصلي بمكناس" لا شيء تغير،حيث سيفاجئ كافة المتتبعين للشأن الثقافي بالمدينة بإعلان وزارة الثقافة عن تنظيم نسخة هذه السنة بمدينة تطوان للمرة الثانية على التوالي،حيث لازالت فعالياته مستمرة في هذه المدينة الى غاية كتابة هذه الأسطر.
ويمكن القول أن الجماعة خاصة على عهد المجلس السابق تتحمل جزء كبير من ترحيل هذا المهرجان الى مدينة تطوان نظرا لكون الشراكة التي تربطها بوزارة الثقافة بالمجلس السابق كانت تخضع لمزاجية القائمين على الشأن المحلي،هذا بالإضافة الى الدور المحوري الذي لعبته نقابة الفنانين في ذلك،حيث ألحت على عدم تنظيم المهرجان بمدينة مكناس،نظرا لظروف الاستقبال خاصة المتعلقة بالأكل والإيواء التي لا تساير نزواتهم،رغم أن الجماعة كانت تخصص لذلك 80 مليون سنتيم من جيوب المكناسيين.
لوبي ثقافي
فبالإضافة الى ما سبق وعلى غرار الشأن الرياضي بمكناسة الزيتون،هناك لوبي يتكون من عدة أفراد يتوزعون بين مديرية الثقافة والجماعة وعمالة مكناس يسيطرون على الشأن الثقافي سيطرة تامة،حيث جل التظاهرات الثقافية التي تحظى بتمويل هام من المال العام تخرج من الثلاثة السالف ذكرهم،لدرجة أن أسماءهم أصبحت معروفة عند عامة المهتمين بالشأن الثقافي ويتحكمون بيد من حديد في كل التظاهرات التي تنظم بالمدينة والتي غالبا ما تتصف بالإرتجالية وسوء التنظيم،ولم ولن تحقق أي إشعاع للمدينة رغم الدعم المادي الكبير الذي تحظى به،بل وساهموا في إقبار عدد من التظاهرات الفنية التي كانت تلقى نجاحا كبيرا في السنوات السابقة .
الكاتب : | المكناسي عثمان |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2016-12-06 16:09:54 |