آخر الأحداث والمستجدات
السقايات العمومية بمكناس والارتجالية في طريقة تدبيرها
قد تبدو جرة قلم من مسؤول عن تدبير الشأن المحلي حركة سهلة وعادية وهو يوقع على قرار بقطع المياه عن سقاية عمومية تتواجد وسط حي شعبي كحي جناح الأمان الذي يعتبر من أكبر الأحياء بالمدينة العتيقة ، حي لا يحمل من واقع الأمان الاجتماعي والاقتصادي سوى الاسم ،حي تقتسم أغلبية ساكنته بيوتا مع الجيران في منازل مهترئة ومهددة بالانهيار في كل لحظة وحين ،حي تعيش شريحة كبيرة من خيرة شبابه وشاباته كل مظاهر الفقر والتهميش والضياع.
قد يظهر للبعض إن هذا القرار فيه الكثير من الحكمة و الشجاعة،ويدخل في إطار سياسة ترشيد النفقات وووو... وأن قطع الماء عن السقايات بمدينة مكناس هي سياسة انتهجها المجلس السابق، وان هناك تدابير مصاحبة لتسهيل ربط منازل هذه الأحياء بالعدادات إلى غير ذلك من المبررات ..
لكن ما هو مؤسف حقا أن نرى تعامل جماعة مكناس الحالية بازدواجية المعايير،ففي الوقت الذي كنا نأمل فيه ان تعود الحياة لأغلب السقايات العمومية، أصدرت جماعة مكناس أواخر شهر يناير2016 قرارين مختلفين في موضوع واحد، فتقرر قطع سقاية وسط حي فقير (جناح الأمان) وتقوم بربط سقاية أخرى بالماء في منطقة معروفة بالنشاط والرواج التجاري (الصباغين).
وهو الأمر الذي يجعلنا نقف مشدوهين مستغربين أمام هذا التصرف وهذه الانتقائية في اتخاذ قرارات كهذه، ونطرح الكثير من التساؤلات ؟؟؟
فإذا كان رئيس جماعة مكناس غير متفق مع سياسة سلفه في تدبير ملف السقايات العمومية،فمن باب أولى أن يقوم بإعادة الحياة إلى صنابيرها كاملة بدون تمييز لأن المستفيد منها يبقى المواطن المكناسي باختلاف طبقاته وانتماءاته و ميولاته ،إضافة إلى زوار العاصمة الإسماعيلية على اختلاف جنسياتهم ،أما إذا كان مع نفس السياسة فلا يجب أن يكون قطع أو إعادة الماء لسقاية ما بمنطقة ما ،يخضع للأهواء ومنطق إرضاء البعض على حساب البعض الأخر.
إن التفكير في ملف تدبير السقايات العمومية من طرف المسؤولين يجب أن يراعى فيه الجانب الاجتماعي والإنساني الذي تشكله السقايات العمومية بالنسبة لطبقات كثيرة من ساكنة المدينة التي لا تجد حتى ما تسد به رمقها في ظل ظروفها المعيشية الصعبة مع التزايد المتتالي للأسعار ..
كما يجب أن يستحضر فيه الجانب التراثي والحمولة التاريخية للسقايات العمومية كإرث حضاري يجب إيلائه العناية الكاملة واستثماره على نحو جيد يساعد في رواج الحركة السياحية وسط دروب و أزقة المدينة العتيقة ، دون إغفال الجانب الاقتصادي ومسألة ترشيد النفقات وذلك في التفكير بالاعتماد على مقاربة جديدة تسخر فيها الإمكانيات التقنية للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمكناس، والإمكانيات البشرية للجماعة كما هو معمول به في مصلحة الإنارة العمومية ،بدل الاعتماد على الحلول السهلة المتمثلة في قطع صنابير سقايات مكناس التاريخية بحجج ومبررات واهية.
سيف عبد الكريم ، فاعل جمعوي
الكاتب : | سيف عبد الكريم |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2016-02-03 15:15:45 |