آخر الأحداث والمستجدات
الانتخابات المحلية بإفران 'عرس ليلة تدبيرو عام'
جميلة هي الصدف ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالانتخابات المحلية بإفران ، وجميلة هي الشعارات التي تتضمنها برامج الأحزاب المتداولة في أوراقها الانتخابية الموزعة على المواطنين ، برامج تتضمن نفس رؤوس الأقلام ، الإصلاح ، التقدمية ، المساواة ، العدالة الاجتماعية (...)، تختلف طرق تأويلاتها و تفسيرها من مرشح لأخر .
جميل أن أخرج بين الفينة و الأخرى و أجد تجمعات شبابية، بعدما كانت في الأمس القريب تكتفي بمشاهدة «مؤخرات الفاتنات»، تناقش آخر التطورات في العلاقات الغرامية (...) ، صارت إلى اليوم تناقش الشأن المحلي و الجهوي ، و الحسابات و الميزانيات و القوانين التنظيمية، و تناقش في المصداقية و الشفافية ، تدقق في التفاصيل الانتخابية ، و ما إلى ذلك من تكهنات تعطي طعما جديدا ، في المسار الزمني لهذا العرس الوطني الذي قد يفجر في أي لحظة تنمية مجالية حسبما هو مخطط له في الدستور المغربي من جهوية موسعة و ما خصصت له من صناديق .
من جميل الصدف و أنا أتابع كأي مواطن سير الانتخابات المحلية ، وأذكر هنا ما سبق و نشرته من «مزحة» على حائطي الفيسبوكي قبل مدة ، عن رغبتي في خوض غمار «الانتخابات المحلية» ، الإشاعة التي انتشرت كالنار في الهشيم خصوصا بين المعارف، كمرشح عن الدائرة الانتخابية التي تعد مسكن لي إلى جانب الوالدين أي بالدائرة الانتخابية الثالثة ، إلا أن المفاجأة كانت بتحويلي لوحدي إلى الدائرة الانتخابية الخامسة ، دون علمي بذلك وهو ما يتنافى تماما مع مقتضيات ، مدونة الانتخابات والتي تنص مبدئيا على كون التسجيل في اللوائح الانتخابية ، يتأسس على محل السكنى ، نقل التسجيلات هو المنطلق الأساسي في الفساد الانتخابي بإفران الذي قادته لوبيات لا يتسع المجال لذكرها، بالإضافة إلى الولائم التي ستحفظ ماء وجه الدولة المغربية ووزارة الداخلية خصوصا في المشاركة في نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية التي من المحتمل أن تكون كارثية.
من عيوب مجريات الانتخابات المحلية ، غياب الوعي السياسي و الحضاري وغياب الاستناد لسيادة السلوك المدني القويم ، و تخليق العمل السياسي الذي لا وجود له أصلا بإفران المدينة ، باحترام الخصوم السياسيين عملا بمنطق «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية». وخلال الليلة الأخيرة من الحملة الانتخابية، وعلى الساعة التاسعة مساءا، بحي الأطلس اشتباك بالحجارة بين القافلة الانتخابية التي يقودها حزب السنبلة (الحركة الشعبية) ، و بين قافلة حزب الكتاب (التقدم و الاشتراكية) في معقل الرئيس المنتهية ولايته، بالإضافة إلى الشعارات الغير أخلاقية ، خصوصا بالقرب من بيوت أعضاء المجلس المنتهية صلاحيتهم بعبارات السب و الشتم و النعت بأقبح النعوت ، هو إذن المستوى المتدني للمشهد السياسي المحلي، الذي سنأتي للتفصيل فيه ، ناهيك عن الوعود السابقة و اللاحقة للمجالس المتعاقبة والتي لم يظهر منها شيء، و التي تذكرنا بقول الفرنسيين الذي جاء فيه «عطاء من دون وعد ، خير من وعد من دون وفاء».
الانتخابات المحلية في إفران ، و الحوار القائم دائما ، هو ما قد أشرت له في محطات سابقة بمصطلح «حكومة التناوب» ، والذي تعمل ساكنة إفران خصوصا ساكنة حي الأطلس والسلام على الإطاحة بالرأسين اللذان تعاقبا على المجلس البلدي ، و بالتالي خلق مجلس جديد ، إلا أن نظام القبلية الذي تحدثت عنها في مقال تحت عنوان «الانتخابات المحلية أي دور في التنمية ؟؟»، تجعل من سياسة أمر الواقع مستحيلة خصوصا عندما ترشح القبيلة منافس يقل مستوى عن المرشحين السابقين ، لا من حيث التجربة ولا من حيث الكفاءة ، وبقدرة المرشح على تطبيق أسس و مضامين قانون الميثاق الجماعي و الذي يحدد أساسيات الانتخابات المحلية ، لا من حيث إحداث اللجان و تدبير المرافق ، و جلب استثمارات ومشاريع تتماشى مع الإمكانيات المتاحة و التي ستتقوى بفعل الجهوية المتقدمة التي تقرع طبولها الحكومة و الإعلام الوطني .
إن مسألة استمالة النخب المثقفة والتي قال عنها رئيس مجلس المستشارين ، في حوار أجرته معه إحدى الجرائد الوطنية ، «النخب المثقفة لا تصوت في الانتخابات» ، تجعل منها مسألة صعبة لحد ما، خصوصا عندما تقترن ، بفقدان الثقة في المشهد السياسي الذي صدق فيه الشاعر القائل «لا يغرنك هتاف القوم بالوطن *** فالقوم في السر غير القوم في العلن» ، العبارة التي تنطبق على سياسي الوطن الذين لا يملون من قرع طبول التنمية و ترديد لازمة المصلحة العليا للوطن، و مباشرة بعد اعتلائهم كراسي الإستوزار أو الجلوس في مقاعد البرلمان يبدأ بالترحال السياسي، بالإضافة إلى الكلمات الخارجة عن قاموس الأخلاقيات و التي يتلفظ بها الساسة في لقاءاتهم الحزبية ، يخجل منها المرء خصوصا عندما يكون جالسا بالقرب من أناس يحترمهم.
استمالة النخب أمر صعب خصوصا في شقها المتعلق باستدراج شباب يعاني الويلات وترد رهيب في المستوى المعيشي الذي يتمنى الشباب الفاقد للأمل لحظة الرحيل عن هذا الوطن، الأمر الذي يؤثر على الإحساس بالانتماء للوطني ، و الذي تطرح دائما خصوصا في ملفات التشغيل بالنسبة للمعطلين ، أو ملفات السكن للأسر التي تعاني الويلات مع السكن المؤقت «الكراء» الملف الذي أحدث شرخا عميقا بين صفوف ساكنة إفران ، عندما تم تسييس ملف السكن و المعروف بالمدينة بمشروع حدائق إفران ، وملف الشباب من ضمنه المسبح البلدي كحق مكفول للشباب و الذي انفردت شخصيا بإثارته ، بالإضافة إلى تقويم المرافق الرياضية و تجهيزها خصوصا الملعب البلدي.
هو إذن الواقع المعيشي و أحداث الساحة المحلية، و التي علق عليها العديد من الشباب الذين أجريت معهم دردشات خفيفة في تجمعاتهم، و من خلالها حاولت إقناعهم بفكرة المشاركة في الاستحقاقات، علق عليها أحد المتتبعين ، المشاركة من أجل المشاركة ، ولا شيء سيتغير «تمديقين» هي «تمديقين» و ستبقى كما هي ، نظرة تشاؤم ربما، إلا أن الواقع الذي عاشه المواطن في سنوات الضياع لا يبشر سوى بأفكار مماثلة أو العزوف عن الانتخابات ، بمعنى آخر و بواضح العبارة لي «عندو اعندوا » ، ولا أحد يجيب عن سؤال إنجازات المجلس البلدي المنتهية ولايته بإفران (...).
ضعف التجربة السياسية علق عليها صحفي محلي بمقولة ( هذا الشي لي كاين فالسوق ) في حديثه عن التزكيات التي منحت خلال تغطية للدوائر الانتخابية المحلية ، وجوه بعضها مألوف في الساحة المحلية ، كانت سببا في تردي الأوضاع بالمدينة ، و معروفة بمساومتها في مصالح الأمة ، خصوصا فيما يتعلق بالملف النقابي لفندق ميشليفن ، و كيف تم إخماده بتواطؤ مع المجلس البلدي الذي تردد مرارا على الفندق أيام النكبة ، بالإضافة إلى الصمت على العديد من القضايا المحلية ، ضمنها ترميم و إصلاح ممرات و طرق حي الأطلس ، بالرغم من تواجد ميزانية كافية، و مساومتها في ملف السكن بين شقيه المتعلق بحدائق إفران و تزكيت إفران، بالإضافة إلى الحالة التي آلت إليها بنايات حي الأطلس بإفران من عشوائية .
ضعف التجربة و التفرقة بين صفوف السكان و بالخصوص الشباب، الذي ورث هو الآخر عقلية المؤامرة العرقية القبلية ، و تخلي الأحزاب السياسية عن دورها في التأطير و الحضور الدائم لترسيخ قيم العمل الجمعوي و الحزبي بين الشباب الإفراني ، و من تم تأطير النخب التي تقود المشهد السياسي على اختلافه مع المشهد الجمعوي رغم التقارب في الأهداف ، فإن ذلك جعل من التزكيات الحزبية تتنافى مع ما تثيره الأمانة العامة للأحزاب بكونها زكت أطر مؤهلة قادرة على تدبير شؤون جماعتها ، وقد توصلنا من خلال الحملات بلوائح المرشحين ، و منهم من لا ينتمي لأي حزب باعتباره منخرطا أو عضوا في المكتب المحلي و الإقليمي ، وتزكيته جاءت في الدقائق الأخيرة من عمر دفع الترشيحات ، ولا ننكر هنا وجود مناضلين مخلصين لتوجهاتهم و أحزابهم.
إن من مسؤوليتنا كإعلاميين محليين ، اشتغلنا عليها في السابق بمجموعة من المواد الإعلامية التي نبهت بمكامن الخلل في مدينة إفران على مر الخمس سنوات الماضية ، و شملت أيضا مجموعة من المقالات ذات التوجه المطلبي، لعل و عسى أن تتخذ منها الأحزاب السياسية برنامجا متكاملا يهم الشأن المحلي و الإقليمي من حيث المناخ و التضاريس و الحاجيات و المتطلبات، و ليس باستعمال برامج تتأقلم و حاجيات ساكنة الرباط و البيضاء ، فظروفنا ليست ظروفهم ، و إمكانياتنا ليست بإمكانياتهم. ، وبذلك نكون قد حققنا قفزة نوعية على المستوى المحلي و الإقليمي فيما يخص رفع التهميش و الإقصاء على إقليم إفران عموما، مبادرة إعلامية لقيت استحسانا وتجاوبا لذا الجهات المعنية ، و تعاطف و تنويه المتتبعين المحليين والإقليميين.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحا و مفتوحا ، هل ستحتفظ إفران بالنخب التي اندهشت شخصيا بكمها الهائل الذي ظهر بعد أن كنا نشكوا في مقال سابق بعنوان «المجتمع المدني بإفران أزمة مناضلين»، وهل سينطفئ نورها مباشرة بعد النتائج النهائية للانتخابات المحلية بالمدينة ، النخب التي تحتاجها إفران ، و التي بإمكانها ضخ دماء جديدة في شريان التنمية المستدامة في إطار جمعيات المجتمع المدني بإفران ، و من تم العمل بمنطق تشاركي كل من موقعه ، لإحقاق تنمية حقيقية بالمدينة التي ترعاها الألطاف الإلهية.
يبقى النداء الذي أتوجه به إلى الأحزاب السياسية باعتبارها طرف و فاعل رئيسي في المجتمع المدني بإفران ، بعد مرور الحملة الانتخابية ، أن يعلنوا جميعا تحت شعار « جميعا من أجل إفران مدينة نظيفة»، و بالتالي يقوموا بحملة نظافة وجمع كل أوراق المنتشرة في كل ربوع المدينة من مخلفات الحملات الانتخابية .
الكاتب : | عبد السلام أقصو |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2015-09-04 17:02:35 |