آخر الأحداث والمستجدات
مدينة الحاجب: وردة في غياهب التهميش واللامبالاة
باتت حادثة السير المفجعة التي وقعت مؤخرا بالمدار الحضري للحاجب والتي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص، كما بعض حوادث السير التي تقع من حين لآخر بالمدار الحضري للحاجب، تسائل بإلحاح جميع مكونات المدينة حول الأسباب المؤدية إلى ذلك، ومدعاة للاهتمام الفائق وضرورة التحرك العاجل أكثر من أي وقت مضى للقيام بما يلزم إزاء هذه الكوارث، والعمل على جرد المخرجات الكفيلة بالتقليل من حوادث السير المفجعة التي تقع من حين لآخر بالمدينة. وهذا يحيلنا إلى الرجوع قليلا إلى الوراء لنستحضر الحوادث المفجعة التي راح ضحيتها أناس أبرياء سواء من مدينة الحاجب أو غيرها (وفاة شاب في التاسعة عشر من عمره ابن مدير مؤسسة تعليمية وإصابة آخر إثر اصطدامهما بشاحنة بحي الروسطان داخل المدار الحضري لمدينة الحاجب، وفاة عسكري متقاعد صدمته سيارة وهو يهم باجتياز الطريق...)، وغيرها من الحوادث التي زلزلت المدينة خلال الأيام والسنوات القليلة التي مضت (انقلاب شاحنة للزفت قبل سنوات مخلفة 07 قتلى وعدد لا يستهان به من الجرحى، اصطدام شاحنتين مخلفة 03 قتلى على الأقل وجرحى...)، وكل هاته الحوادث تنجم عن فقدان السائقين السيطرة على فرامل شاحناتهم، ويساعد على ذلك جغرافية المدينة المتواجدة على منحدر كله مخاطر. فأين الخلل إذن ؟ وما ذا ينبغي القيام به لتجاوز هذه الحوادث ؟...
ففي مقارنة بسيطة بين ما تحقق على مستوى البنية التحتية لبعض المدن المجاورة وما نلاحظه من بقاء الحال على ما هو عليه بالحاجب، يتأكد لنا بالملموس أننا لازلنا متأخرين وجامدين وكأننا لا نتحرك قيد أنملة على هذا المستوى. فماذا قدم المنتخبون والمسؤولون بالمدينة خلال السنوات الأخيرة؟ وماهي منجزاتهم؟ وماهي المشاريع ذات الأولوية المبرمجة من طرفهم؟ وماهي إسهامات باقي مكونات الشأن العام بالمدينة من سلطات محلية ومؤسسات وفعاليات جمعوية و مدنية؟؟؟...
أسئلة وغيرها لا تروم القدح في أحد أو التنقيص من مجهودات جهة ما، أو ما شابه ذلك، بقدر ما تتوخى رصد مكامن القصور في ما يخص تدبير بعض شؤون المدينة، من خلال مقارنة بسيطة بين واقعها وما وصلته بعض المدن المجاورة، وذلك على عدد من المستويات:
فعلى مستوى البنية التحتية: لوحظ حرص العديد من مسؤولي المدن المجاورة على تشييد حواجز أرضية بالشوارع الرئيسية والطرقات، خصوصا في نقط معينة قد تشكل خطرا على الراجلين (مؤسسات تعليمية، مخيمات، أماكن الترفيه والاستجمام، منحدرات خطيرة...). فمدن مثل مكناس، إفران، مريرت وخنيفرة حتى لا نتوسع كثيرا، كلها حرصت على تشييد هذه الحواجز الأرضية للحيلولة دون وقوع حوادث سير بالجملة أو على الأقل التقليص من حدتها. غير أنه في الحاجب، و رغم وجود منحدرات خطيرة خصوصا بالحاجب الأعلى وبعض الشوارع الضيقة مثل الروسطان وغيرها، نعاين تباطئ الجهات المعنية وعدم مبالاتها اتجاه هذا الأمر، خصوصا إذا استحضرنا الحوادث الخطيرة والمميتة التي وقعت على مدى السنوات الفارطة ( انقلاب الشاحنة المحملة بالزفت بواد القايد قبل سنوات، اصطدام شاحنتين أمام مصلحة الضرائب...)،والسؤال الملح هنا: ألا يشكل كل ذلك حافزا للتفكير في هذا الموضوع بجدية أكبر؟ ألا يؤرق كثرة الحوادث التي تقع والأرواح التي تزهق بال القائمين على الشأن المحلي؟...
وما قلناه عن الحواجز الأرضية ينطبق أيضا على مستوى علامات التشوير المنعدمة بالمدينة. وطبيعي أن يحز ذلك في نفس كل حجباوي غيور وهو يعاين كيف أن بلدية بوفكران المحدثة منذ سنوات قليلة فقط وفق التقسيم الإداري لسنة 1992، وقد زينت شوارعها بعلامات تشوير، تنظم الجولان بشارعها الرئيسي وطرقاتها الفرعية مما يسهم في التقليص من الحوادث والاصطدامات.
ثم ما هو مآل الطريق الجانبية المخصصة للشاحنات، والذي سبق وأن تم برمجته خلال سنوات خلت، للحد من مثل هاته الحوادث الخطيرة، والتي أصبحت الضرورة تفرضها وباستعجال، اعتبارا لكون الطريق الرئيسية تضم أغلب المؤسسات الإدارية بالمدينة ومراكز دار الشباب والتخييم وهلم جرا.
وبالتالي، وبالنظر إلى ما أشرنا إليه آنفا، واعتبارا لخطورة المسالك والطرقات بالحاجب، والتي تتوزع ما بين عقبات ومنحدرات ومسالك ضيقة ببعض الأحياء غاية في الخطورة، إن على الأرواح البشرية، أو على الممتلكات العامة، فإن الحاجة باتت ماسة ومستعجلة للتفكير جديا في إحداث علامات تشوير وحواجز أرضية بجل شوارع ومسالك الحاجب تنقذ ما يمكن إنقاذه، وتضع حدا أو تقلص في أضعف الأحوال من نزيف حوادث السير المفجعة.
وعلى مستوى آخر، يبدو أن مسؤولي مدينة الحاجب، يكتنفهم التيه والتردد بخصوص إيجاد فضاء وسوق مناسب لبائعي الخضر والفواكه. فرغم ما تم بذله من مجهودات في هذا السياق، وتوطين هؤلاء بحي بام منذ سنوات خلت، إلا أن ذلك لم يكن كافيا إن لم نقل لم يكن موفقا بالمرة، حيث أفلست تجارة العديد منهم مما حتم عليهم تغيير المهنة أو الوجهة، وهو ما أدى بالتالي إلى الفوضى التي تشهدها جنبات السوق البلدي وأهم شوارع المدينة في أحايين كثيرة خصوصا خلال شهر رمضان، واحتلال الباعة لكل الأمكنة المتاحة رغما من كونها ليست نقطا لممارسة التجارة، بالرغم من أن السلطات المحلية تداركت الأمر بعد حين.
ثم إن توطين البعض من هؤلاء بمحاذاة عين خادم ومسجد الزاوية، يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما أفرزه الأمر من عشوائية وتشويه لجمالية المدينة في أهم محاورها، ذلك أنه تم توطين بائعي الخضربالنقطة المفصلية التي تفصل الحاجب الأعلى عن الأسفل، وتواجدها بالقرب من ينبوع مائي ( عين خادم)، يشد إليه الجميع الترحال من داخل المدينة وخارجها للاستمتاع والراحة. إلا أن الأمر حاليا أصبح مدعاة للنفور بسبب الاكتظاظ والتزاحم واختلاط الراغبين في التنزه بالراغبين في التسوق والتبضع. فهل بمثل هذه الأوضاع والمشاهد سنجعل من مدينة الحاجب وجهة سياحية؟؟؟ مجرد سؤال للمهتمين والمشتغلين على الموضوع. فلماذا مثلا لا يتم توطينهم بالفضاء القديم، الذي ظل منذ إفراغه فضاء فارغا لا يصلح إلا للتغوط والتبول وانبعاث الروائح الكريهة، رغم أنه يتواجد على مرأى من إدارة البلدية ويجاور مقاطعة عين خادم أقشمير ؟
إن غض البصر على مثل هكذا وضع، والتراخي الملاحظ إزاء مجموعة من الظواهر، وترك الحابل على النابل، كلها مظاهر لن تساعد المدينة على الخطو خطوات إلى الأمام، ولن يسهم إلا في تأخير تنفيذ الأوراش المبرمجة، وبالتالي تعطيل عجلة التنمية بالمدينة حتى إشعار آخر. والكرة في ملعب كل مكونات المدينة للتحرك كل من موقع مسؤوليته، واتخاذ المبادرات الضرورية لتحريك وحلحلة الوضع بالمدينة، من أجل تأهيلها للقيام بدورها التنموي، كمدينة نظيفة، منظمة، وجذابة...
الكاتب : | اسماعيل قرقبو |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2014-04-22 00:24:35 |