آخر الأحداث والمستجدات
فاس تحيي ذاكرة ابن عربي في مهرجانها الثامن للثقافة الصوفية
تعد الثقافة الصوفية أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان.
وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة.
وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص، فهو علم كعلم الفقه، له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده - كغيره من العلوم - جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بـعلم التصوف، أو علم التزكية، أو علم الأخلاق، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية للإمام ابن عطاء الله السكندري قواعد التصوف، للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري .
انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل النووي والغزالي والعز بن عبد السلام كما القادة مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير عبد القادر وعمر المختار وعز الدين القسام.
وإحياءً لهذ الذاكرة الصوفية، تحتضن مدينة فاس، من 12 إلى 19 أبريل المقبل 2014م، الدورة الثامنة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية، وذلك تحت شعار "على خطى ابن عربي". ويعد مهرجان فاس للثقافة الصوفية، الذي يستقطب العديد من عشاق الموسيقى الصوفية من المغرب والخارج، إلى جانب مهرجان الموسيقى العالمية العريقة، إحدى المحطات الثقافية والفنية الكبرى للعاصمة الروحية للمملكة التي تستهوي عشاق هذه الأنماط الفنية.
ويتضمن برنامج هذا المهرجان، الذي تشرف على تنظيمه "جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية" تقديم العديد من الحفلات الموسيقية التي تحتفي بفن السماع والموسيقى الصوفية العربية والأندلسية إلى جانب تنظيم فقرات تزاوج ما بين الأمسيات الصوفية وحلقات الذكر واللقاءات والندوات الفكرية التي ستتخذ من شعار هذه الدورة موضوعا لها.
وستعرف دورة هذه السنة من المهرجان مشاركة مجموعة من الفنانين المغاربة الذين سيحيون أمسيات كعبد الرحيم الصويري ومحمد باجدوب ومروان حاجي ومحمد وعبد الفتاح بنيس وسعيد الشرايبي، بالإضافة إلى مجموعة محمد بريول لموسيقى الآلة إلى جانب فنانين ينتمون لعدة بلدان كالبوسنة والهرسك وتركيا وغيرها.
وموازاة مع هذه الأمسيات الموسيقية والفنية سيعرف المهرجان تنظيم لقاءات يؤطرها باحثون ومختصون في قضايا التصوف ستبحث فكر وأعمال محيي الدين بن عربي الذي يعد أحد المتصوفة الكبار وتأثيراته على المشرق والمغرب.
وحسب "جمعية مهرجان فاس للثقافة الصوفية" التي تشرف على تنظيم هذا الحدث الثقافي والفني فإن الاحتفاء بمحيي الدين بن عربي هو احتفاء بأحد المتصوفة الكبار الذين أثروا الفكر الصوفي في الثقافة الإسلامية وشكلوا على امتداد قرون أحد رموزه باعتباره خلف أزيد من 400 عمل من بينها (الفتوحات المكية) التي تتضمن 37 جزء وغيرها.
وبرأي المشرفين على هذه التظاهرة فإن هذا الموعد يشكل مناسبة لدراسة مختلف المواضيع والقضايا التي لها ارتباط بالبعد الروحي للثقافة الصوفية وتمظهراتها الفنية والثقافية والاجتماعية إلى جانب إظهار غنى وتنوع هذا المكون وأهميته في التنمية المستدامة. كما أن أعمال ابن عربي الذي أقام بمدينة فاس في العديد من المناسبات من شأنها أن تكشف للمشاركين في المهرجان عن مختلف الإشكالات التي يطرحها موضوع التصوف في تقاطعاته مع الفلسفة والشعر والتراث والفكر.
وكانت الدورة السابعة لمهرجان فاس للثقافة الصوفية نظمت السنة الماضية تحت شعار "قوت القلوب .. التصوف والإبداع" وعرفت مشاركة مجموعة من الفرق الفنية من المغرب والخارج. ويروم مهرجان فاس للثقافة الصوفية، الذي نظمت دورته الأولى سنة 2007، إلى التعريف على المستوى العالمي بالصورة الإيجابية للإسلام من خلال إبراز عمق ومقاصد ثقافة الانفتاح والتسامح التي اعتمدها المتصوفة في تجاربهم إضافة إلى تكريس ثقافة مشتركة ترتكز على قيم التعايش والإخاء والتسامح.
الكاتب : | هيئة التحرير |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2014-04-09 07:43:00 |