آخر الأحداث والمستجدات 

هل تفلح الدارجة في إصلاح المنظومة التربوية ؟

هل تفلح الدارجة في إصلاح المنظومة التربوية ؟

لما نقر بالفشل اللغوي التام ؟  ولا نقر بفشلنا كقيمين على الشأن التعليمي ! ونستحق المحاسبة والمساءلة !. انها المفارقة العجيبة التي نمتلكها بحشمة والتي كانت منشأ النقد الملكي للمنظمومة التربوية برمتها ، من حيث إسقاطنا لخلافاتنا السياسية والمذهبية على المدرسة العمومية ...

لم يكن اللغو المفتعل تحت يافطة اعتماد الدارجة كلغة داعمة للغة العربية في بناء التعلمات والمعارف والمهارات داخل المنظومة التربوية  وليد وعي فجائي عفوي . بل هو تحد لمقومات أمة رسمت إطارها الإيديولوجي بترسيمه دستوريا في حده المجتمعي بتعدد روافده  . فالتفكير بادئ ذي بدء عند دعاة  إدخال الدارجة الى الفصل الدراسي وتوطينها كأنها العصا السحرية التي تفك طلاسم الإخفاق التربوي بالمغرب منذ الاستقلال ، له الاستخفاف بثقل كفة النكوص المسجل في المنظومة التربوية وتشعبه السرطاني العمودي والأفقي .

فإذا ما سلمنا بأن الدارجة لا تلامس إلا الأسوار الخارجية للمؤسسات التعليمية ، فإننا نكون قد ألبسنا تعليمنا حلة اللغة العربية المعيارية ،بيد أن الدارجة  حاضرة بتفكيرنا وبقوة داخل الفصول الدراسية .

فالمرجعية التاريخية للشعب المغربي تعترف أن الإسلام هو من عرب الهوية المغربية ، ولو بنسبية أقل حدة مما كرسه رواد الحركة الوطنية عند دعوتهم الى خطة التعريب والمغربة. في حين استفاد أبناؤهم من التعليم الفرنكفوني بالخارج كعملية تحيينية لكوادر الدولة المغربية المستقبلي .

ان مركزية اللغة بتنوعاتها حاضرة وبقوة في الفعل التواصلي داخل الحقل اللغوي التداولي المغربي ،لا ننكر أن هناك تدافع لغوي بالمغرب بين اللغات الحاضرة في البنية التواصلية : من لغة عربية الى لغة فرنسية الى اللغة الأمازيغية ،  مع دخول لغات بديلة وضعت قدمها بقوة الكونية/العالمية في الساحة اللغوية وهي الانجليزية والألمانية ، ولائحة الوافد تجدد بمعيار بورصة السوق الاقتصادية .

ان إرجاع اخفاق المنظومة التعليمية منذ خمسة عقود - أي بعد الاستقلال - باعتماد اللغة العربية المعيارية كآلية لتجويد التعلمات ،  لهو المسجب الأسهل الذي يمكن أن نعلق عليه كفاف وجفاف مخارج منظومتنا التعليمية . انه الاستخفاف بالداء الذي استوطن المدرسة المغربية العمومية وسرطن منتوجها التعليمي .فأسباب عجز تعليمنا عن مواكبة التطور العالمي في مجال بناء جودة التعلمات نعرفه جميعنا بالتمام والكمال ، ويتوزع بشكل متفاوت الاتساع والعمق على مقومات المدرسة العمومية ومحيطها الاجتماعي  .

نركن دائما الى الحلول الالتفافية على الاشكالية العميقة في انسداد أفق المدرسة العمومية وندخل في بوليميك نحن في غنى عنه . فبعد أن تم توطين اللغة الأمازيغية بطريقة ارتجالية بالمدرسة . والتي لاتزال لم تبرح مستواها الابتدائي ، وعجلنا في تصريف رسمها الكتابي ضمن طبخة سياسية وواجهة اعلامية . ثم أغرقنا مصطلحاتها ضمن الامتداد الإفريقي لقبائل الطوارق. فضيعنا نصف قرن على منظومتنا التربوية ، فلا العربية تم امتلاكها ونقلناها من لغة التعبير الى المخبر العلمي، ولا الفرنسية ضبطنا آلياتها التواصلية وحققنا القدرة عليها ولو في حدها الادنى ، ولا اللغة الأمازيغة عوضناها عن سنوات الرصاص والإجحاف السياسي الذي رمى بها إلى الفلكررة ...

لما نقر بالفشل اللغوي التام ؟  ولا نقر بفشلنا كقيمين على الشأن التعليمي . انها المفارقة العجيبة التي نمتلكها والتي كانت منشأ النقد الملكي للمنظمومة التربوية من حيث إسقاطنا لخلافاتنا السياسية والمذهبية على المدرسة العمومية .

لا أمارس دور الكفيل لأي تيار أو مذهب يريد عنوة إدخالنا في دائرة مفرغة بحواشي حادة جارحة،دائرة ترجعنا الى عقود مضت  تم تخطينا لها بأمان وبأقل الخسائر . وإنما أعترف بالهوية المغربية في شقها التعددي المعتز بالذات والمتفاعل مع الأخر  . أفتخر بالشخصية المغربية في تفردها بأن الوطن هو الحاضن لكل اختلاف خلاق لديناميكية تفكيرية أشد إبداعا واعتزازا بوجودها المغربي . أعتز "بتمغربييت" في انصهار العادات والتقاليد الامازيغة والعربية والافريقية ... ضمن منظومة وطنية  بانية لمغرب المواطنة بشموليتة.

 فالدفع بالدارجة الى الفصل الدراسي هومعول ناسف بنية مبيتة للغة الامازيغة واللغة العربية كليهما . لما لا نرى إلا حد ظلنا ، ونلقي بذواتنا نحو التخندق ضمن علمانية شاردة لا جدوى لها البتة في تربتنا المغربية .

فالوعي اللغوي المغربي أفضى الى وجود لغة وسيطية تحمل بين طياتها ما هو أمازيغي/ عربي /افريقي ... ثم كوني في الاستفادة من الروافد اللغوية الفرنسية والاسبانية ....اللغة الوسيطية  هي الدارجة الشعبية . ان حدود وظيفتها التداولية في التواصل بحد افقي لا يميز بين متعلم ولا أمي ولا جاهل . أما سحبها الى المعيارية بترسيمها تركيبيا ولسانيا ، فان الأمر فيه قول من حيث :

1-ان الدارجة مزيج لغوي كما سبق ذكره

2-ان الدارجة سلطتها في وظيفتها التداولية من حيث التواصل الشفهي الشعبي

3-ان الدارجة تفقد قيمتها عندما تصبح ممعيرة ، وهذا هو النقد الموجه الى اللغة العربية المعيارية

4-ان الدارجة لا تمتلك النمطية اللسانية بل توليداتها اللفظية حبيسة فئات اجماعية بعينها

5-ان الدارجة تتلون بتلون المناطق حتى في المدينة الواحدة

لا أحط من قيمة الدارجة وإنما أقر أنها المنسج لكبة خيط التفاعل الحضاري بين مكونات ما أصطلح على تسميته بمغرب المواطنة ،مغرب الأمازيغ/العرب /الأفارقة ... وإنما أدفع بمساحة أفضل للغة العربية في تعليمنا ، أمل أن نوسع مساحة تدفق اللغة الأمازيغية في مدارسنا ، أود أن نفتح حضارتنا اللغوية على اللغات العالمية بنفعيتها .

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الاكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2013-11-27 11:16:07

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك