آخر الأحداث والمستجدات 

القصة الكاملة للمعتقل الإسلامي المتوفى بمكناس على لسان أرملته

القصة الكاملة للمعتقل الإسلامي المتوفى بمكناس على لسان أرملته

بِلَكنة يغمرها الحزن والأسى ودمعات تنساب حين سرد قصة المعتقل المُسنّ محمد بن الجلالي مع الإهمال، والتي فارق على إثرها الحياة بمستشفى محمد الخامس بمكناس، تتحدث الأرملة رشيدة بلال عما وصفته بسلسلة من أنواع الإهمال والتعذيب طالت المعتقل الإسلامي بن الجيلالي منذ اعتقاله في غشت 2003، تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب، وعمره آنذاك 52 سنة، قبل أن يصاب بالشلل عام 2007 ويفقد روحه صبيحة الثلاثاء 5 نونبر الماضي بمستشفى محمد الخامس بمكناس.

القصة من سجن بوركايز بفاس

"كنت أزوره بمعتقله السابق ببوركايز بفاس حيث لاحظتُ تدهورا خطيرا في صحته وصلت إلى انطواء عنقه الذي لم يعد يستطع حمله"، تتحدث رشيدة في ندوة صحفية نظمتها اليوم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بالرباط، مضيفة أنه حين احتجاجها على إدارة السجن لنقله إلى الطبيب على وجه السرعة، "قال لي زوجي بأنهم سيقودونه هناك بيدين مصفدتين"، وهو ما رفضه رغم إصراره لكون في حاجة إلى إجراء فحوصات طبية عاجلة لإصابته منذ مدة بمرض السكري، إضافة إلى كونه قعيدا لا يقوى على الحركة.

زيارة أخرى كشفت لرشيدة أن زوجها مصاب في عينه بزرقة شديدة "علمت بعدها أنه كان يناشد إدارة السجن بنقله إلى المرحاض وإلى المستشفى وحين رفضها سقط من كرسيه على وجهه"، مضيفة أن الطبيب لم يتدخل إلا في الأسبوع القادم من الحادثة بإعطائه مُرهَم، "احتججت على مدير المعقل الذي أكد لي بأن الأمر خارج عن إرداته"، بعدها تمّ ترحيل الشيخ المُقعَد بشكل "تعسفي" إلى سجن تولال2 ضواحي مكناس، "حيث تم منعه من إرفاق ملابسه وحاجياته الخاصة التي كان يستعملها في سجنه الأول".

الترحيل وفصل جديد من المأساة

تقول رشيدة بلال بأنها كانت تتحمل عناء السفر لكيلومترات من أجل زيارة زوجها رفقة أحد من أبناءه، وأنها لم تتلق خبر ترحيله إلى تولال2 في 10 أكتوبر الماضي إلا بنفسها، "بدأت في البحث عنه بعد أن علمت بترحيله من فاس دون إخباري بالوجهة"، مضيفة أنها وجدته أخيرا "أعطيته وجبة من الأكل فأمرني بإرجاعها لأنه في حالة إضراب عن الطعام"، وهو الإضراب الذي سيأذن بالدخول في مأساة جديدة من حياة محمد بن الجيلالي وأسرته.

وتوضح الأرملة أنه تم إدخال المُسنّ المَقعد وسط غرفة صغيرة ومكتظة بأزيد من 8 سجناء من معتقلي الحق العام، وسط إهمال وغياب لتقديم أي رعاية صحية، إضافة إلى روائح التدخين المنبعثة من السجناء معه في الزنزانة، وهو الوضع الذي لم يستطع تحمله بن الجيلالي نظرا لوضعه الصحي المتدهور، ما دفعه إلى الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام في 14 أكتوبر المنصرم، للمطالبة بنقله لزنزانة خاصة أو رفقة معتقلي "السلفية الجهادية" والاعتناء بوضعه الصحي الذي أخذ في التدهور.

آخر زيارة ومأساة اللحظات الأخيرة

في آخر زيارة رأت فيها زوجها حيّاً ووصفتها رشيدة بـ"مأساة اللحظات الأخيرة"، كانت في 28 أكتوبر 2013، وجدته لا يقوى بتاتا على شرب الماء ولا على التحرك "كان مطويّا على اثنين ويقضي حاجته في ملابسه"، كما أخبرها بأنه ممنوع من الاستفادة بالكرسي المتحرك "هناك فقط كرسي واحد في المعتقل ويتناوب عليه السجناء"، تضيف رشيدة متأثرة، "كان آخر قاله أن سألني عن أبناءه وطالبني بالذهاب.. وكانت آخر لحظة وداع".

في صبيحة الاثنين 04 نونبر المنصرم، تقول رشيدة بأنها زارت مرة أخرى سجن تولال 2، لتفاجأ بعدم تواجد زوجها هناك ويتم إخبارها بأنه نقل إلى مستشفى محمد الخامس منذ 5 أيام، "حين توجهت للمستشفى تم منعي من قبل رجال الأمن بالدخول بحجة عدم التوفر على إذن من وكيل الملك"، مشيرة أنها وبعد الحصول على الإذن بعد "تمطال" ودخولها إلى المشفى، مُنعت من طرف الطاقم الطبي من رؤيته لأن محمد بن الجيلالي في غيبوبة وهو موجود في العناية المركزة ولا يتنفس إلا اصطناعيا.

صبيحة الثلاثاء 05 نونبر من الأسبوع الماضي، تفجع رشيدة وهي محملة بملف زوجها الطبي، بخبر وفاة محمد بن الجيلالي، "أخبرتني مسؤولة طبية هناك بأن زوجي توفي"، كلمة اعتبرتها رشيدة استفزازا للشعور الإنساني ولحالتها النفسية المهزوزة تجاه زوجها "بكل برودة وبلا سابق إعلام يقولون لي بأن زوجي توفي" تضيف رشيدة التي ختمت كلمتها المؤثرة بمعاتبها للمؤسسات الوطنية في التعامل مع زوجها المُسنّ والمُقعد "أليس زوجي إنسانا حتى يُعامل بمثل هذا التعامل اللاإنساني.. تعرض للإهمال والتعذيب وهاهو يلقى جزاءه بوفاته" تقول ذات المكلومة.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : طارق بنهدا
المصدر : هسبريس
التاريخ : 2013-11-13 10:08:29

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك