آخر الأحداث والمستجدات
كيف تبخرت قنطرة ويسلان لتتحول إلى مشروع قزم؟
ظل مشروع القنطرة المعلقة بين مكناس وجماعة ويسلان حلما يراود كل المكناسيين، أملا منهم في احتضان منشأة مميزة تكون مفخرة لهم، فتناسلت الإشاعات وتوالدت أخبار منها اليقين ومنها دون ذلك، إلا أن المؤكد، بعد عقود من الانتظار، هو أن الحلم تبخر، بل تقزم إلى مجرد منشأة لا ترقى لتطلعات الجهة في تقوية البنية التحتية عبر شبكة طرقية في مستوى التطلعات.
تعود فصول المشروع المجهض إلى سنوات عهد الحماية، حينما هيأ المعمر الفرنسي دراسة قنطرة معلقة على وادي ويسلان بطول يصل إلى 700 متر، إلا أن تحقق المشروع ظل حبيس مكاتب الدراسات، مصطدما بمساطر معقدة أجلت خروجه للوجود. فقد وضع على الرفوف ليتم إخراجه بين الفينة والأخرى في محاولة لزعزعته من مكانه وفق أهواء لمسؤولين محليين وممثلين لسلطات وزارة الداخلية، وحسب ما حصلت عليه الجريدة من وثائق وشهادات استقتها من عدد من المسؤولين، فقد كانت آخر فرصة جدية تلك التي أشرف عليها الوالي السابق حسن أوريد، محاولا إحياء فكرة لطالما واجهها العجز وضعف الطموح. ويتذكر المسؤولون المحليون بالمدينة عبارة حسن أوريد الشهيرة خلال إحدى الاجتماعات التنسيقية حول المشروع حين قال : " إنها ثورة ! «لا تعيروا أي اهتمام للجانب المادي، فالمال لم يكن في يوم من الأيام عائقا للمشاريع الكبرى المهيكلة، أنا معكم، ما يهمني بالأساس هو القرار السياسي للجماعتين المعنيتين بالمشروع" كانت العبارة بمثابة الشحنة التي دفعت وادي ويسلان للاستيقاظ من سبات عميق استعدادا لاستقبال مشروع ضخم على ضفافه، لتتوالى الاجتماعات واللقاءات التحضيرية، بهدف توفير مبلغ 120 مليون درهم، مجموع كلفة المشروع وفق التوزيع التالي :
وزارة التجهيز والنقل بمبلغ 60 مليون درهم وفق لمذكرة الوزارة التي تنص على تقاسم كلفة إنجاز مشاريع الطرق المرقمة بين الوزارة والجماعات التي تمر بترابها هذه المحاور الطرقية.
مجلس جماعة مكناس بمبلغ 10 ملايين درهم، ومجلس جماعة ويسلان بنفس المبلغ
مجلس عمالة مكناس بمبلغ مليوني درهم
صندوق الحسن الثاني بقيمة 20 مليون درهم
مؤسسة العمران بمبلغ 10 ملايين درهم
معمل لافارج بمبلغ ثلاثة ملايين درهم
ويبدو من خلال نوعية المتدخلين وعي تام بأهمية المشروع، بحيث لايقتصر على مجرد قنطرة لعبور السيارات، فزيادة على كون المقطع يعرف عبور ما يزيد على 11000 سيارة، فإن الربط سيستفيد منه ما يقارب 200 ألف نسمة من الجماعات المجاورة وهي ويسلان، الدخيسة، المهاية، وادي الجديدة، كما أن تصميم المشروع تميز بجمالية تجعل من الموقع هدفا للمستثمرين، خصوصا في القطاع السياحي.
بعد توالي الاجتماعات واللقاءات بين الأطراف المعنية خرج الجميع بالاتفاق على حصص المساهات المالية، بما فيها شركات القطاع الخاص، باستثناء مدير وزارة التجهيز آنذاك الذي تردد في الموافقة قبل أن يطلب مهلة للحصول على موافقة المصالح المركزية لوزارته، كان ذلك في بداية سنة 2007، لكن قرار وزارة التجهيز نزل كالماء البارد على بقية الأطراف، فقد رفضت الوزارة الانخراط في العملية بدعوى ارتفاع التكلفة وعدم توفر الإمكانيات المالية اللازمة. القرار أثار غضب رئيس الجهة سعيد اشباعتو الذي قرر لقاء المصالح المركزية بالرباط لمناقشة الموضوع ومحاولة الحصول على موافقتها.
أعيد طرح المشروع مجددا قبل زيارة الملك للمعرض الفلاحي في أبريل من نفس السنة، في محاولة للحصول على اتفاق لجميع الأطراف، لكن المعارضة انتقلت لرئيسي جماعة مكناس وويسلان، اللذين انضما لمعارضي المشروع بدعوى ارتفاع تكلفته وعدم توفر الجماعتين على المبالغ المالية الكافية. ولأن الكلمة الأخيرة ترجع للأطراف المتدخلة في المشروع فقد تم وضع قنطرة ويسلان جانبا، وتعويضها بمشروع تثنية الطريق الرابطة بين مكناس و ويسلان على طول خمس كيلومترات ونصف.
المشروع المذكور تقرر عام 2007، وبعد ست سنوات لازالت أشغاله لم تكتمل بع، بحيث عرف هو الآخر تأخرا غير مفهوم. فقد تم تدشين المشروع يوم 24 أبريل 2007، وحدد آخر دجنبر 2009 كتاريخ لانتهاء الأشغال، الذي تم تقسيمه إلى شطرين، لكن الأشغال تأخرت بما يقارب أربع سنوات، والمبرر صعوبة إجراءات نزع ملكية عقارات سينجز عليها المشروع، لترتفع كلفته من 35 مليون درهم إلى 50 مليون درهم، وهي زيادة تحملتها الأطراف المساهمة وفقا لما تنص عليه الاتفاقية المبرمة بين الأطراف.
عراقيل إذن عرفها مشروع كبير تحول لورش لا يرقى لطموحات سكان المنطقة ولا لمؤهلاتها، ولم يسلم هذا الأخير من التماطل والتأخير المستمر. ليبقى الأكيد أن الحلم بقي على "الماكيط" مجرد تصاميم يأمل المكناسيون في أن يروها واقعا ملموسا يعبرون عليها راجلين أو راكبين، ومفخرة تربط أمجاد الماضي بإنجازات الحاضر وطموحات المستقبل.
الكاتب : | حميد سرحان |
المصدر : | جريدة صوت الإسماعيلية |
التاريخ : | 2013-11-12 22:34:08 |