بائعو المتلاشيات على الأرصفة نموذج لفئة مكناسية تئن في صمت

على طول الممر الرابط بين مدار وجه عروس والشيخ الكامل مرورا بدار الدباغ في اتجاه السكاكين،يصطف العشرات وربما المئات من الباعة يعرضون للبيع كل ما لا يمكن أن يخطر على بال أحد من مخلفات الأزبال والقمامة : أحذية غير صالحة للإستعمال، ملابس ممزقة، مصابح مكسرة، علب وصناديق مهشمة، أسلاك كهربائية متهالكة،أجهزة معطلة، قوارير وزجاجات فارغة، أدوات حديدية صدئة،...المهم أنهم يعرضون كل ما جادت به حاويات الأزبال والقمامة المنتشرة في جميع الأحياء والأزقة والشوارع بمدينة مكناس. وعند الإقتراب منهم تظهر لك معالم الفقر والبؤس والمعاناة من سحناتهم وكفاحهم المرير من أجل توفير دراهم قليلة تكفيهم لتوفير لقمة عيش كريم ليوم واحد فقط لهم وﻷسرهم، مع العلم أن أغلبهم له زوجة وأطفال ومصاريف كراء داخل مدينة أصابها سرطان الفقر والعوز والجمود الإقتصادي والإجتماعي وانعدام فرص الشغل ونهب المال العام.
إن إماطة اللثام على هذه العينة من المواطنين المكناسيين ليس الهدف منه التشهير أو التشفي، بل الهدف منه هو تسليط الضوء وإثارة الانتباه لعينة غير مصنفة من المجتمع المكناسي لا يتذكرها الساهرون على الشأن المحلي إلا أيام الانتخابات قصد المتاجرة بمعاناتهم وكسب أصوات جديدة لنهب أموال دافعي الضرائب.

وضعية هؤلاء تخفي حالة فئة تئن في صمت دون أن يكترث لمعاناتها مسؤولو المدينة ولا هيئات المجتمع المدني، هي مشاهد تتكرر يوميا حتى صارت جزءا تراثيا لمدينة بئيسة ينتشي أهلها في سادية غريبة ببؤس الآخرين، ويحاولون خلق صور رومانسية لمشاهد تسيء لمجتمعنا ولذواتنا في وقت يتعين فيه النظر لحال أرامل وشيوخ وعجزة مدينتنا التي صارت مأوى لعدد من المظاهر السلبية.