لو كنت رئيسا للحكومة..

أتيحت لبن كيران وحزبه فرصة لا تعوض: شارع مغربي يتحرك، ربيع عربي مزهر، دستور بصلاحيات أوسع.. اليوم بعد أقل من عامين، صار زعيم المصباح مستعدا بقبول كل الحلول من أجل ضمان استمرارية حكومته، بما في ذلك التحالف مع غريم لطالما طاردته تهم الفساد، والأقسى من ذلك حينما يدخل مزوار حكومة بن كيران بشروط مسبقة وبرأس مرفوعة وبماض خام وأشد بياضا من حليب الإبل.

كنا نتمنى نجاح التجربة، فيكفي ما ضاع من عقود في اللعب السياسي. لكننا اليوم أمام حكومة يعارضها الجميع، ليصبح بن كيران أسوأ حلم يتمناه رجل سياسة لصعوبة الموقف الذي وقع فيه..

لا أحد يمكن أن يتمنى أن يكون في موقع رئيس حكومتنا إلا من كان محبا في منصب أو سلطة. لكن ماذا عن سؤال : لو كنت مكان بن كيران؟

شخصيا، لو كنت رئيسا للحكومة لما جعلت للمعارضة مكانا، سيتمركز الجميع في صف الأغلبية، ستحصل الأحزاب كلها على نصيبها من الكعكة ولو تطلب الأمر حكومة بستين وزيرا، فالهدف إرضاء الجميع.. لو كنت مكان بن كيران لن أقدم برنامجا حكوميا بل سأتلقى برنامج مستشاري الملك وسأسهر على حسن التنفيذ فقط.. لن أحارب فسادا ولن أطارد ساحرات فالفساد واقع والساحرات بنات الوطن.. لن أتهم مسؤولا ولن أقرب ملفا إلا بأوامر عليا.. لن اذكر تمساحا أو خنزيرا أو قردة.. ومن أراد حيوانات الغاب فما عليه سوى بزيارة حديقة تمارة..

هكذا سأكون : رئيس حكومة بدون صلاحيات، لا أعارض أحدا ولا أزعج مسؤولا، فأنا أخ للجميع.. والبلاد لا تستطيع القبول بممارسة ديمقراطية للسلطة بعد...

تصوروا لو فكر بن كيران بهذا المنطق هل كان سيترك لشباط فرصة للانسحاب؟ وهل كان سيجد نفسه وسط رياح عاتية قد تعصف به..

أما إن كان غير قادر عل التكيف مع السياسة على طريقة المخزن المغربي، فكان عليه أن يرد الأمانة إلى أهلها.. والفاهم يفهم.