آخر الأحداث والمستجدات 

مبادرة 'مليون محفظة' ومعادلة الإنصاف الاجتماعي

مبادرة 'مليون محفظة' ومعادلة الإنصاف الاجتماعي

تتعدد اوجه الدعم الاجتماعي الموجهة اساسا الى المدرسة العمومية كأخلاق عناية، دعم يراد منه استقطاب أطفال في سن التمدرس للالتحاق بالمدرسة فضلا عن الاحتفاظ بالتلاميذ داخل المنظومة بسلطة قرار التعليم الالزامي.

فمن الإطعام المدرسي و الداخليات ،  الى برنامج تيسير كطفرة نوعية للدعم المالي المشروط لأسر تلاميذ العالم القروي ، وصولا الى المبادرة الملكية " مليون محفظة "   ، كل هذا العمل ما هو إلا مطمح جماعي للدولة بالرقي بالمدرسة العمومية نحو مدخل المواطنة وتوطيد الثقة والاهتمام المتبادلين بين المواطنين كأشخاص والدولة كمكون سياسي كلي  .

فلم تكن المبادرة الملكية منذ انطلاقتها في بداية الموسم الدراسي 2008/2009 إلا دفعة سريعة الوثيرة نحو هدف تعميم التمدرس وبادرة لأجل الحد من الهدر المدرسي وتجفيف مستنقعه الموحل ولو بالتدريج.

فالغاية الفضلى من عملية "مليون محفظة " هي الوقوف بجانب الاسر ذات المكون الاقتصادي الهش  عبر العدالة الاجتماعية الرامية الى حق الولوج الى الفضاء المدرسي بمعادلة الانصاف الواجبة تضامنا تجاه الطبقات الاجتماعية الفقيرة ، وهذا المبدأ يتماشى مع مطمح تخليق الحياة الاجتماعية عبر مسلك التضامن كبند منصوص عليه ضمن فصول الدستور المغربي  .

ان استعراض اهم الغايات لمبادرة "مليون محفظة " كثيرة وتتسع حسب المجال المراد دراسته ، ويمكن ان نذكر منها :

-          التخفيف من الأعباء المالية الناتجة عن اقتناء الكتب واللوازم المدرسية كتماسك متعاقد عليه اجتماعيا ،

-          تضييق الفجوة بين مكونات المجتمع في تبايناتها،

-          ضمان العناية التربوية كمصلحة فضلى و ديمقراطية ،

-          البحث عن تحقيق تعميم التعليم وإلزامية التعليم الى حدود سن 15،

-          تشجيع حقينة التمدرس في الوسط القروي وخاصة تمدرس الفتاة،

-          تعزيز جاذبية المدرسة العمومية عبر انفتاحها على محيطها الاجتماعي،

-          عناية السلطة العليا للمملكة بقطاع التربية والتكوين وجعله لصيقا بالوحدة الوطنية،

-          خلق قنوات للدعم الاجتماعي بعيدة عن صندوق المقاصة،

    فإذا ما فتشنا عن الاهداف الخفية  لمبادرة "مليون محفظة " نصل الى عمق التوجه الراقي الرامي الى تحصين المدرسة المغربية من المزايدات السياسية والتي ولجت الى المدرسة عبر بوابة جمعيات مدنية تصرف الدعم الاجتماعي بعملة مزدوجة الوجهين بين السياسي المستضمر والاستقطاب الفكري / المذهبي المصرح به علنا... وبهذا المنطلق تم سد ذرائع اخطبوط المد السياسي نحو المدرسة وتقليم اظافره بكل خفة ، فالمدرسة العمومية هي ملك للجميع وحمايتها من المزايدات السياسية والمذهبية البغيضة أمر لامناص من المضي به الى الأمام .

    وحري بنا في هذا الموطن التصريح بكل صراحة عن فعالية مبادرة "مليون محفظة " في تحقيق قفزة نوعية في مجال تعميم التعليم والذي تجاوز في بعض الجهات 98% . كما فكت ضفائر الاناث بسلاسة نحو الولوج الى المدارس ضمن مقاربة النوع . فتثميننا لمبادرة "مليون محفظة " في انطلاقتها حتى اخر طلبية فيها امر لا شك فيه ، لكن الامر شابته متاهة استعمال الكتب المسترجعة من التلميذ وما يلحقها من عدم صلاحيتها للاستعمال مرة ثانية ،مما أربك العملية برمتها وأصبحت بعض الأصوات تنادي بتعديل مسطرة المستفيدين منها او العودة الى ما أقرته المبادرة الملكية في نسختها الاولى .

    ان وضع القارئ في الصورة لهو الأمر الأفيد لتحريك مخيلته في عملية توزيع مبادرة "مليون محفظة " على المتعلم. فالمذكرة الاطار المنظمة للعملية تحدد سقف تجديد الكتب المدرسية في حدود 30% بينما نسبة 70% من الكتب المستعملة ، ان وصف حال الكتب المسترجعة بعدم صلاحيتها للاستعمال له المدخل الاساسي الى اعادة النظر في القرارات الفوقية والتي لا تراعي الواقع المدرسي بالمصاحبة وسياسة القرب ، فالقيمين على الشأن الاداري بالمؤسسات المدرسية يجب ان تسمع اقتراحاتهم ويعمل بها ، وللإنصاف لا بد من استعراض بعض الاقتراحات الواردة في هذا الشأن :

-          الاقرار بان لكل مؤسسة مدرسية خصوصياتها من حيث تحديد نسبة تجديد الكتب المدرسية،

-          اعطاء الصلاحية الكاملة في تصريف مبادرة "مليون محفظة "  للمؤسسات المدرسية عبر ميزانية سنوية تغذي صندوق جمعية دعم مدرسة النجاح ،

-          الدفع بالجماعات المحلية كشريك اجتماعي على تغطية الحصص الباقية من الكتب المدرسية بالتنصيص عليه في الميثاق الجماعي ،

-          التفكير في حلول اخرى نحو دعم الكتاب المدرسي انطلاقا من الناشر على ان يتم تحديد ثمنه ليكون في متناول الاسر ،

-          في حالة الاقرار بمنحة الدعم للأسر الفقيرة بدل صندوق المقاصة فلا بد من استحضار توفير لوازم التمدرس من طرف الاسر،

-          فرض نسبة قارة على شركات التامين العاملة بقطاع التربية والتكوين كاقتطاع لتدعيم مصاريف مبادرة "مليون محفظة " بكل مؤسسة مدرسية .

 

    وعلى الرغم من أن تصوراتنا للدعم الاجتماعي بكل تجلياته يمكن ان ينتظم بطرق اكثر ترتيبا وأناقة ، هذا اذا ما توفرنا على اخلاق الفضيلة والعناية الكافية التي من خلالها يتم اختزال كل المشكلات المشوشة على تصريف مبادرة "مليون محفظة "الى مبدأ المنفعة ، وهو الفعل الصحيح الذي يتحول الى تنمية الفضائل التضامنية وفق الثقة والتعاضد كالاهتمام بالآخر ، وحتى لا نبخس مبادرة "مليون محفظة " حقها فلا بد من التنويه بها كعملية شد للمتعلم داخل المنظومة التربوية ، واستثمار اثرها بنسق نفعية متواصل يتطلب البحث عن التجديد والتطوير . فالعملية قبل ان توضع لها المعايير القارة عبر المذكرة الاطار المتجددة فلا بد من سلك مبدأ الانصات الى كل الفاعلين بالقطاع على مستوى القواعد الفاعلة ،ثم استحضار بعد مغرب المواطنة بهدف ترسيخ الثقافة التضامنية بإشعاعها المتوهج والاعتبار المتبادل.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الاكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2013-09-12 01:13:01

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك