آخر الأحداث والمستجدات 

رؤية في إعادة توظيف الأثر العمراني المادي بمدينة مكناس ما بعد عمليات الثمين والإحياء

رؤية في إعادة توظيف الأثر العمراني المادي بمدينة مكناس ما بعد عمليات الثمين والإحياء

من البداية، تحضر لدينا رؤية ضرورة لتأطير النقاش، والذي أفرزته تداعيات ما بات يصطلح عليه بمكناس (ملعب القرب بساحة لالة عودة). إن قضية إبداء الرأي بمدينة مكناس ليست بالآمنة من ردود فعل مستفزة، وقد تُجانب الأدبيات ومرجعيات الحوار الهادئ والهادف. فإذا كان السجال التفاعلي لا يتأسس على أخلاقيات احترام الرأي والرأي المضاد، فإن الحوار قد يبيت يتصيد الكلمات والمواقف الشكلية، وردود أفعال غير متزنة لا تخدم حتى مصلحة تراث المدينة عامة.

من تم نقول: غير ما مرة يُمكن أن نختلف في التفكير والرأي، ولكن لا نترجل سيرا نحو تجسير الخلاف التباعدي/ القصدي، بنية المعارضة فقط ، وكبس رؤية التجديد!!! ففي قضية إنشاء ملعب القرب بساحة لالة عودة، كنت ولازلت من بين مؤيدي إحداث ذاك الملعب في تلك الزاوية الهامشية من الساحة (لأسباب ذكرتها في مقال سالف). كان هذا رأيي واجتهادي، ويمكن أن أكون صائبا أم مخطئا في التقدير لا غير.

 

فصول تثمين المدينة العتيقة لمكناس ونتائجه أصبحت بهية وذات ملمح مستملح بالجودة والنوعية، وحتى يفوتني المقام فالشكر الموصول لكل من أشرف من قريب أو من بعيد على مخرجات عملية التثمين العامة، وأخص بالذكر عامل عمالة مكناس السيد عبد الغني الصبار. 

من البداية، لنفعل مقاربة جديدة تتجاوز سلاح (تحنيط العمران المادي ضمن رؤية ذهبية الماضي !!!) لنصل بعدها إلى أنسنة الموروث المادي واللامادي للمدينة، وفق رؤية حضارية، وحاضر متحول يصنع حتى (هو) ماضيه. هذا الأمر، لن يغنينا بُداً من التفكير الموازي، ووفق إشكالات إعادة صياغة أنماط التوظيف (الثاني) لمجموعة من المواقع والفنادق والأبراج... بما يخدم ربط الماضي بالحاضر، وفق آليات تفكيرية وإبداعية مستجدة ومحدثة.

 

فقضايا إحياء نقلة نوعية لموروثاتنا العمرانية، بات ضرورة لإعادة التشغيل والدمج في الحوض الاقتصادي والإنساني. ولهذا فرؤية إعادة التوظيف (الثاني) للملمح العمراني التاريخي (الجديد) والذي خضع لعمليات التثمين والتأهيل، هي قضية تبديل الاستراتيجيات وحتى الأهداف الاستعراضية الأولى ... وخير نموذج معلمة لالة عودة، والتي كانت مسرحا مفتوحا لكل الأنشطة المتنوعة، وضمن خليط من التجانسات والتباينات والمفارقات الاجتماعية...

 

 القضية الثانية، في أننا بتتنا نرتكز عموديا على تحنيط المعالم التاريخية، ونستهلك كثيرا من المنشطات التاريخية (الصور) لإرجاعها إلى دائرة الماضي كما كانت.... نعم وبالتأكيد الأكيد ، لم تعد الأسوار تحمي المدينة من غزوات القبائل على دار المخزن ...لم تعد الأبراج تؤدي دورها في تجمعات العساكر فوق علوها كمراكز للحماية التنبيهية... لم تعد شرافات الأسوار تؤدي دورها في مراقبة تحركات القبائل المتربصة بمحلة المدينة... لم تعد تلك الشرافات تؤدي دورها لحماية الجنود من رصاص المغيرين من أحواز المدينة. تغيرت عدة أمور بالبينة وتحولات الدولة العامة، ومؤسساتها التنظيمية.

 

 نعلم علم اليقين، أننا نؤمن بزمن الذكاء الاصطناعي، ولما لا حتى بالمدينة الذكية. نؤمن بالتحولات السريعة في حقينة القيم... نعم، تغير الزمن بالكامل، ونحن بتنا نتلحف برداء الماضي، ونريد من الماضي أن يصنع لنا حاضرنا ويعدله من إكراهاته المتدنية... لم نعد نقدر حتى على المساهمة في صنع حاضر جديد ( لجيل ذهبي آخر !!!) ليصبح كذلك حتى هو من الماضي كما نسميه (المجد الذهبي للمدينة) !!! رغم أني أكره هاته التصنيفات. المدينة تخلفت عن ركب التنمية الكلية لا الجزئية. تخلفت حتى عن استرجاع ماضيها في سياسة الحظوة والتمكين الوطني. تخلفت حتى في التعامل مع موروثها العمراني بالدقة والتحفيز نحو التطوير وإحياء التوظيف (الثاني)...

 

اليوم، لست في الدفاع عمَّا هو ثقافي (مادي لامادي)، فنحن جميعا نوثق للحظات من التاريخ لا من التأريخ باستعراضات العصر والحاضر. لا زلنا في بداية إحياء التراث العمراني للمدينة، والبدايات دائما تكون مرهقة وتصنع (الجدال)...لازلنا نعيش نوعا من (التلفة) في عمليات إعادة التوظيف (حتى بتواجد مكتب للدراسة لم يقدر الجواب عن سؤال: كيفيات إعادة التوظيف؟ والنموذج الأمثل الطيع بالمناولة والدراسة، قيسارية الحرير والتي غالبية دكاكينها مغلقة إلى حين!!!...

 

الأهم، يجب ألا نتقيد بحدود تحنيط تراث المدينة، إلا بحدود المواءمة (التغيرات) والملاءمة (الموافقة)، والاستفادة والأنسنة الجديدة بمتغيرات الأزمنة. فالأمر ليس بسهل التفاضل ما بين إنشاء ملعب للقرب وترك الساحة كما هي !!! فمن الملاحظة نتعلم، لنعد إلى الصور القديمة، والتي تحمل متغيرات (ساحة لالة عودة) وما كانت تحفل به من أنشطة وأداء وظيفي، نتعلم أن الساحة كانت حية بالإنسانية والاحتفالية.

 

 من باب فصل التاريخ عن الحاضر إكراهات الاختيار، لنترك الساحة كما هي (أحمري والتراب) !!! ونقول: هذا أثر من التاريخ. لنتمسك بالمحافظة عليه كما كان !!! إنه نوع من العبث في الرؤية والاختيارات والقصد النوعي !!! اليوم التطور والتطوير يقتضي منَّا عمليات التجديد وتحسين الأداء، ودمج المكان مع (ساكنته) بالأثر الإنساني قبل المادي. اليوم القيمة التراثية ليس في التأهيل وانتظار السائح الجوال بلا نفعية على المدينة (سائح عايش مقيم في فاس وجوال بمكناس يستهلك فقط قنينة ماء!!!)، وإنما التفكير الجماعي في الاستفادة الإنسانية من المكان (وليدات المدينة أولا وبالختم النفعي أولى باللعب بساحة

لالة عودة).

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-03-25 23:45:09

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك