آخر الأحداث والمستجدات 

أسامة لخليفي.. هل كان يعلم أن يناير سيكون فصله الأخير؟

أسامة لخليفي.. هل كان يعلم أن يناير سيكون فصله الأخير؟

في ليلة باردة من ليالي يناير، حينما كانت عقارب الزمن تدور نحو نهاية الشهر، أُعلن خبر وفاة أسامة لخليفي، أحد مؤسسي حركة 20 فبراير، الرجل الذي كان أول من نطق باسمها في العلن، وأول من دفع ثمنها من حياته الشخصية ومساره السياسي.

 

31 يناير 2025، التاريخ الذي خُتمت به حياة رجل لم يكن عابرًا في المشهد المغربي، بل كان جزءًا من تاريخ الحراك الشبابي الذي هزّ البلاد قبل 14 عامًا. لكن المفارقة الأكثر قسوة ليست فقط في رحيله، بل في ترتيب الأيام التي سبقته:

 

1 يناير 2025: اليوم الذي خطّ فيه آخر كلماته، غير عالمٍ بأنها ستكون وداعه غير المعلن. كأنما أراد أن يبدأ السنة بوصية أو إشارة، قبل أن تأخذه الحياة – أو تأخذه فبراير – إلى نهايته.

 

20 يناير 2011: الذكرى التي شكلت ميلاده السياسي، حين قرر الانخراط في الحراك الشبابي الذي حمل اسم "20 فبراير".

 

31 يناير 2025: اليوم الذي غادر فيه الحياة، بعد عشرين يومًا من ذكرى ميلاده السياسي، و قبل ثلاثين يومًا فقط من آخر كلماته المكتوبة.

 

 

هل هي خصومة مع فبراير أم عشق حتى الموت؟

 

المفارقات هنا ليست مجرد مصادفات، بل تداخلات تجعل السؤال أكثر إلحاحًا: هل كان لخليفي يعيش صراعًا داخليًا بين فبراير والماضي، بين ما كان يؤمن به وما آل إليه الواقع؟ أم أنه ظل عاشقًا لها حتى اللحظة الأخيرة، حتى وإن أخفى ذلك تحت ستار من التحولات السياسية والتغيرات الشخصية؟

 

الألم الصامت

 

في السنوات الأخيرة، كان أسامة لخليفي صامتًا أكثر مما اعتاد. لم يكن ذلك الصمت استسلامًا، بل كان صمتًا يشبه انتظار الإجابة عن سؤال لم يجد له جوابًا: ماذا بقي من فبراير؟ وهل كانت تستحق كل ذلك الألم؟

 

عندما انخرط في الحراك، لم يكن مجرد ناشط، بل كان أحد رموزه الأكثر جرأة، الأكثر إثارة للجدل، والأكثر دفعًا للأثمان. لكنه سرعان ما اكتشف أن للثورة ثمنًا نفسيًا أقسى من ثمنها السياسي. لم يكن فبراير مجرد حراك، بل كان زلزالًا في حياته، قلب كل شيء رأسًا على عقب.

 

يناير.. اللغز الأخير

 

في كتابات المؤرخين، يكون للتواريخ أحيانًا دلالة تتجاوز مجرد التسلسل الزمني، وكأنها رسائل مشفرة لا يفهمها إلا من عاش تفاصيلها.

 

رحيله في يناير، بعد كتابته الأخيرة بثلاثين يومًا، وفي ذكرى ميلاده السياسي بعشرين يومًا، ليس مجرد ترتيب زمني. كأن فبراير، الذي كان ميلاده السياسي، لم يسمح له بالموت بعيدًا عنه، فأعاده إليه حتى في الغياب، كما لو أن روحه لم تستطع الهروب من القدر الذي صنعه بنفسه ذات شتاء من 2011.

 

قد يكون قد خاصم فبراير في لحظة، وقد يكون قد نأى بنفسه عنها، لكنه في النهاية لم يستطع الهروب منها. كان حبيسها، حتى الموت، وكأن فبراير قرر أن يحتفظ بأحد أبنائه في نهاية المطاف.

 

هل كان يعلم؟

 

أكان يدرك حين خطّ آخر كلماته في بداية السنة أنه يسير نحو النهاية؟ هل كان يشعر بأن يناير سيكون آخر ما تبقى له؟ أم أن القدر فقط هو الذي اختار أن ينهي القصة بهذه الصورة، وكأن الموت نفسه أراد أن يعيد ترتيب الأوراق على طريقته؟

 

أسامة لخليفي لم يكن مجرد رجل في السياسة، بل كان رجلًا في الصراع، بين الحلم والواقع، بين فبراير وما بعد فبراير، بين البقاء في النور أو الذوبان في العتمة.

 

واليوم، بعدما رحل، يترك خلفه سؤالًا لن يُجاب عنه بسهولة:

هل مات أسامة، أم أن فبراير عاد ليأخذه معه؟

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : هشام الدفلي
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2025-02-01 20:36:18

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك