آخر الأحداث والمستجدات
مولاي مسعود أكوزال.. قصة أسرة سوسية عصامية من مكناس فرضت نفسها في عالم الاقتصاد المغربي
أسرة أكوزال، إحدى الأسر العريقة في منطقة سوس، عرفت بتأثيرها البارز وثقافتها الواسعة، مع نسب يمتد إلى الشرفاء الأدارسة السوسيين. قادها إبراهيم بن علي، رب الأسرة، إلى بناء ثروة كبيرة تتنوع بين المحلات التجارية والعقارات في مدينة مكناس وغيرها. عاش إبراهيم مع أسرته التي تضم ابنين، مولاي أحمد ومولاي مسعود، وثلاث بنات: للا فاضمة، للا مامس، وللا عائشة.
البداية والصوفية
تعود جذور الأسرة إلى العالم الصوفي مولاي مسعود الكنضيفي، ويبدو أن الأب إبراهيم بن علي أطلق اسم "مسعود" على ابنه تيمناً به. إلا أن مولاي مسعود اختار مساراً مغايراً، فبدلاً من الاستمرار في مظلة الثراء العائلي، عمل بجد ليؤسس لنفسه مكانة خاصة، ما جعله أحد أبرز الأسماء في عالم الاقتصاد المغربي.
مولاي مسعود: العصامي الناجح
ولد مولاي مسعود عام 1930 في زاوية أفلوس بمنطقة إداوكنيضيف (إقليم اشتوكة أيت باها). بدأ حياته بتعلم القرآن الكريم في الكُتاب، ثم غادر قريته في سن 12 عامًا إلى مكناس. رغم وفاة والده وهو في السادسة، رفض مسعود الاعتماد على إرث الأسرة. عمل في متجر شقيقه بمكناس، لكنه سرعان ما قرر الاستقلال وبناء مستقبله الخاص.
من "الزيات السوسي" إلى رجل أعمال بارز
بدأ مولاي مسعود مسيرته العملية في الأربعينيات ببيع الزيوت باستخدام عربة تجرها دابة في حي البرادعية بمكناس. مع الوقت، توسعت أعماله ليصبح "الزيات السوسي" المعروف، حيث امتلك 300 محل لبيع الزيوت ومعصرة لإنتاج الزيت، ثم شمل نشاطه توزيع البنزين وكحول الحريق. كانت بركة دعاء والدته ودعمها النفسي من أهم عوامل نجاحه.
من التجارة إلى السياسة
لم تقتصر إنجازات مسعود على التجارة؛ فقد انخرط في حزب الاستقلال منذ عام 1950، وساهم في دعم المقاومة إبان نفي الملك محمد الخامس بتوفير السلاح والمال. كما كان له دور بارز في المسيرة الخضراء من خلال توفير الدعم اللوجستي، وكان من أوائل المستثمرين في الصحراء المغربية.
إمبراطورية اقتصادية
توسعت أعمال مسعود لتشمل تصدير الزيوت إلى إيطاليا، والاستثمار في العقارات، وصناعة الصباغة، والجلد، والأسماك. تحولت مشاريعه من عربة بسيطة إلى إمبراطورية متعددة الأنشطة، مما يعكس مقولة: "إن الفتى من يقول ها أنا ذا، ليس الفتى من يقول كان أبي."
إرث علمي وأسري
لم يكتفِ مولاي مسعود بإنجازاته، بل حرص على تعليم أبنائه وبناته. درس أبناؤه الذكور في أرقى الجامعات العالمية: المحفوظ، حسن، وعبد السلام في جامعة نورث إيسترن بأمريكا، إبراهيم في السوربون، وسعيد في كندا. أما بناته الست، فقد برعن في مجالات متعددة، منها الطب، تصميم الأزياء، والفن التشكيلي، ومنهن من درست في باريس وبوسطن.
ترجل مولاي مسعود أكوزال عن الحياة عام 2019، عن عمر ناهز 89 عامًا، تاركاً إرثاً ثرياً من العمل الدؤوب والعلم المتأصل. كان مثالاً للإنسان العصامي الذي صنع مجداً بجهده، وألهم أجيالاً من أسرته لمواصلة مسيرة النجاح بخطى ثابتة. ولتخليد ذكراه تم اختيار أحد أهم شوارع مكناس من مدخلها الغربي، الحزام الطويل، ليحمل اسمه.
الكاتب : | هيئة التحرير |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2024-12-03 20:46:49 |