آخر الأحداث والمستجدات
هل أصبحت الأعياد من الإجهاد الاجتماعي والاقتصادي للدولة والمواطن ؟
أصبحت الأعياد الدينية مرهقة اقتصادية للأسرة، بعد أن تم تحريف مقاصدها الدينية إلى قيم اجتماعية عرفية (التباهي والإفراط في الاستهلاك). ففي ظل التحولات الاجتماعية والقيم، وظهور موجة الغلاء التي أتت على اليابس وأخضر في مغرب (المخطط الأخضر)، بات المواطن المنهوك والمقهور، يقاسي مرارة همِّ حياة، ويكابد متاعب في توفير ولو الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الضرورية وعيش الكرامة.
عيد الأضحى حتى وإن كان سنة مؤكدة، فقد أضحى في العرف الاجتماعي والموروث ركيزة ملزمة للأسر(الاحتفاء والشراء والذبيحة).
بات من الضروريات التي توازي (نفرح الوليدات) و(انْدير ما دَارْ جَاري). في هذه السنة (البئيسة بجفافها) والمزدحمة بتصاعد موجات الغلاء المتنوعة، بات المواطن عرضة (للشناقة) ومصاصي دماء الشعب الفقير (تجار الأزمات) و(أغنياء الفرص). باب المستهلك المتواضع في بيت نار حمئة من الزيادات غير المنطقية ولا المتوازية حتى عالميا. فالدولة تقول بنجاح المغرب الأخضر، والمواطن يَلعن السياسة والسياسيين الذي وهبوا البلاد والعباد للتصدير وصناعة فلاحة تسويقية (ترفية) تساهم في نفاذ جيب المواطن (المحكور) والمقهور.
الجميع يتحدث عن الإجهاد المائي في ظل الجفاف وهو معطى طبيعي، وأنا أتحدث عن الإجهاد الاجتماعي في ترك المواطن أمام صدمة الأمر الواقع. في ترك المواطن عرضة للنصب والاحتيال (سوق نخاسة الغنم) و (الخضر) وجميع المواد، واستنزاف مدخراته المالية في مستلزمات معيشية لا أثر لها بالامتداد على الرفاه الاجتماعي (النموذج التنموي). اليوم في (سويقة) الخضر العشوائية بدرب (كراوة) حي الزيتون، تلحظ بأن المكان بات يُعلن أثمنة صادمة تماثل المراكز التجارية الكبرى. بات المواطن في مواجهة مع متممات العيد، وكأننا سنعيش أزمة مجاعة قادمة في أسبوع العيد، أمام الجزار وبائع الزيتون صف من المستهلكين، وحين تسألهم، الكل يتشكى ويعلن (لا حول ولا قوة) من هذا الغلاء !! لكني، بحق أرى أن التحولات الاجتماعية الاستهلاكية (تربية التلفزيون العمومي) قد أفرطت بكثير عن المستويات والقدرة الشرائية للمواطنين.
فلا خروف إسبانيا، ولا الدعم السخي للمتاجرين الأشداء والمستوردين، ولا دعم الأعلاف، كانا حاجزا في ضبط السوق، ولا حتى تصريحات وزارة الفلاحة كانت جدية في تقديراتها وتوجيهاتها. هي المتاجرة غير المهيكلة التي تستنزف حتى قوى الدولة في مداخيلها، فالكسابة خلقوا شبكات من البيع في عين المكان. ومن يقصد السوق فإنه يصدم أو يستسلم للأمر الواقع، ويعيش أزمة نفسية قبل الأزمة المالية.
قد يقول البعض أن هذه الفوضى العارمة في الغلاء، يُقصد بها تقويض مراسيم دينية اجتماعية ألفناها منذ الزمن المغربي القديم، لكن هذا الأمر لا علاقة له بالسنن الدينية المؤكدة، وإنما له علاقة بإخفاق الدولة في هندسة رصينة لشعب (يستهلك بلا ما يتهلك). في إخفاق الدولة عن حماية المواطن من فساد (السوق) ومن نهم مصاصي الدماء من فئة (الشناقة) وناهبي رزق العباد قانونيا. في إخفاقنا جميعا في إتمام الرؤية السديدة في تأمين الدولة الاجتماعية وضمان ثبات الطبقة الوسطى ككيس أمان وصمام للرجات الاجتماعية المدوية.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2024-06-16 01:01:38 |