آخر الأحداث والمستجدات
مداخلة محسن الأكرمين في ندوة منصة أهل مكناس للترافع عن العاصمة الإسماعيلية
قد يتساءل قائل: ماذا استفادت مكناس من عدة تشخيصات تم إجراؤها بالتمام، مادامت المدينة لازالت تُكرر نفس المطالب قد التي عاينتها وأنتجتها الساكنة منذ عهد الاستقلال؟ قد يتساءل آخر ببراءة عن الهدف من هذا الحراك المدني السلمي في تسطير مجموعة من المطالب العادلة، والأمنيات المستملحة لمدينة السلاطين؟ وهل هذه الظاهرة المدنية ظاهرة صحية؟ وهل فشل سياسيو المدينة في تدبير سياسة التمكين بالمدينة؟ أم أن هنالك عمليات كبرى لتيئيس يُمرر تباعا، ويُفقد المدينة الثقة في السياسة والسياسيين؟
قد نختلف في أجوبة متناسقة عن كل تلك الأسئلة المطروحة وغيرها، ولكنا نقول: كل الأبواب تؤدي إلى تنمية المدينة، وكل الأبواب السبعة بات مفتوحة للترافع عن مكناس كل حسب قناعته ومبادراته. فالترافع عن مطالب مدينة مكناس ليس بالعلامة الحصرية، بل هو ملكية مشتركة للجميع، فلا تفاضل لأحد على الآخر. نعم، هي الغيرة والمفاضلة (حد الحسد) بين ما وصلت إليه مكناس من نكوص في سلم التنمية، وذلك بالموازاة مع مدن أخرى كانت تماثلها تنمويا، والآن أصبحت من ضمن مدن الحظوة، وهي ذاتها من تحرك فينا النقد عن بطء التنمية.
فكناش المطالب والرغبات بمكناس بات ثقيل الحمل، وهذا راجع إلى أن المدينة تحتاج إلى كل شيء (كُولْشِي). اليوم بات خطاب الجميع يركب على جلد الذات (النقد) الهدام، لكن مهلا على هذه المدية العالية !!! فخطاباتنا لا تنتج البدائل (الواقعية/ البراغماتية/ البسيطة وذات الأولويات)، حين باتت كل الأصوات تستنكر الكبيرة والصغيرة في ظل (إعلام الشارع) القوي، وكأن المدينة تعيش الإقصاء التام والتهميش لوحدها، في حين أن جغرافية المغرب العميق يعاني أكثر ويزيد.
لتكن لدينا الجرأة ونعترف بأن مسار التنمية موجود (كاينة شي حاجة من التنمية بمكناس)، ولكن تُطالب المدينة بالمزيد ثم المزيد لكي تحصل على العدالة المجالية، وتدبير الأزمات التي تعيشها المدينة (الإنارة/ البنيات المهترئة/ الشغل/ احتلال الملك العام/ البلوكاج/ السابوتاج/ الصراعات السياسية العقيمة / غياب الحكامة/ غياب التواصل مع الساكنة من قبل ممثلي المدينة...) !!!
الغريب في الأمر، حين أشكل على المدينة اختيار علامة مكناس الحصرية ( مُولْ الثقافة يقول: بأن مكناس مدينة الثقافة/ وينظر إلى خيمة الثقافة البئيسة، وأنشطة لا تخطو خارج القبة الخضراء !!)، و (صاحب الفلاحة يقول: بأن مكناس مدينة الفلاحة بامتياز وينظر إلى الكروم (الدالية الصناعية !!). ومُولْ (التَّاريخ يقول: بأن مكناس مدينة السياحة والأثر التراثي، ويعدد أن (17%)من الموروث العمراني التاريخي يتواجد بمكناس !!). ومُولِ (الاقتصاد يقول: بأن المدينة لها من المؤهلات الاستثمارية، ويحدثنا بذاك التصنيف العالمي للمدينة في الجذب الاستثماري !!) في حين لا تحصل المدينة لا على ذاك ولا على غيره، ويضيع اللبن وحتى زعطوط (هزّوا الماء !!).
فأول استثمار بالمدينة يجب أن تشتغل عليه، يقتضي تحديد العلامة الحصرية لمكناس، والاشتغال عليها وفق مقاربة صناعة التفرد والتميز.
مطالب ساكنة مكناس والله طيبة وبسيطة حد (الاستمرار في الإصلاح وترسيم السلم الاجتماعي). مكناسة (بَاغِيِين) الكرامة والعدالة الاجتماعية، والمدينة التنافسية. (بَاغِيِين) مدينة تقود قطبا جهويا، لا مدينة تخضع للتبعية القطبية غيرالمنصفة.
نعم، المشكلة بمكناس ليست في هندسة المطالب، ولا في تدقيقها بالتصنيف والترتيب (الملعب الكبير/ المستشفى من الجيل الرابع/ المسرح الكبير/ القناطر/ الممرات تحت أرضية...). المشكلة تكمن دائما في غياب آليات الترافع عن هذه المطالب (المشروعة والعادلة) لدى المركز، لأنها بحق مطالب ثقيلة عن التدبير الورقي (التوصيات/ الخلاصات) !! وعن تلك المشاكل المستجدة بمجلس جماعة مكناس الموقر !!.
المشكلة، بمكناس في غياب (لوبي) سياسي ترافعي يتواجد بالمركز، ويُدافع عن المدينة ويُمطرها بالمشاريع، نعم هي الحقيقة المجحفة حين نقول: أن مكناس ابتعد عنها أعيانها حين أعيتهم الانتقادات !! وهاجروا المدينة بلا رجعة ولا التفاتة تنموية لمدينتهم الأم !!
المشكلة، في أن المجتمع المدني يُرهق نفس في التشخيصات الكثيرة والحاضرة بأذهاننا جميعا، ويُغيب البحث عن آليات تنزيل بدائل التمكين. المشكلة الكبيرة في غياب المال العام الوطني من النزول إلى المدينة، وتغيير بنيتها التحتية بالجدية والصرامة. المشكلة أن أحزاب المجالس التي توالت على تدبير مكناس تكون هي نفسها التي تقود الحكومة، ولا تحصل مكناس حتى على النزر القليل من التنمية. في حين مجلس القرب والأوليات (حاصل) في ملف الإنارة والحفر، ونحن نطالبه بالتنمية الذكية !! هنا المفارقة التي أفسدت وتفسد مطالب الساكنة والمدينة!!
حقيقة لا مناص من ذكرها في شق عدالة التنمية بمدينة مكناس، فقد باتت بحق الله لا تقبل التأخير، على اعتبارات تحديات وانتظارات 2030. فمكناس ستبيت خارج عوالم التاريخ، وستظل مكناس تُذكر في الماضي و تبخس في الحاضر (ماضيها أفضل من حاضرها). فمن حسن التفاؤل الجدي الملعب الكبير (المدينة الرياضية)، إن تحقق فإنه يعتبر من بوابة التنمية الكلية وبلا منازع.
الكاتب : | متابع للشأن المحلي بمدينة مكناس |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2024-04-07 22:11:23 |