آخر الأحداث والمستجدات
إعادة توظيف ساحة الهديم يحتاج إلى وكالة إدارية تُنظم الاستدامة والالتقائية
لم يبق عن افتتاح ساحة الهديم التاريخية إلا تلك اللمسات البسيطة في التصور والتنزيل. افتتاح يمكن أن يُواكب أيام الملتقى الدولي الفلاحي في دورته (16). حقيقة لا مناص من ذكرها، فالساحة أفسحت المجال لمفاتنها التراثية والتاريخية الباهرة للظهور من خلال عمليات التثمين والترميم، والذي خضعت له ضمن البرنامج الملكي لتثمين المدينة العتيقة لمكناس. جمالية السقاية المقابلة للساحة، وأناقة المتحف الوطني للموسيقى دار الجامعي، وتناسق الدكاكين المتناغمة بالشكل والتنظيم زاد ساحة الهديم رونقا جماليا بهيا، في انتظار إتمام عمليات الترميم والتأهيل التي يخضع له باب منصور (التحفة الفريدة عالميا).
اليوم باتت المدينة تفكر في سؤال: كيف يمكن إعادة الإحياء؟ وفي كيفية المحافظة على النموذج الراقي لساحة الهديم (الحديث) في الترويج أولا للتراث التاريخي العمراني للساحة، ثم ثانيا في تسويق منتوج سياحي لتراث المدينة اللامادي (الشفهي). ففي ظل الجواب عن سؤال إعادة التوظيف بمواصفات دقيقة ومُنسقة، قد نهرب بعيدا عن تفكير التنميط الهيكلي للساحة، وقد نَتجنبُ السقطة الإفلاسية (التدوير الفولكلوري)، والذي كان مطب مُدن بعينها بعد عمليات الترميم والتأهيل لموردها التاريخي (مراكش/ فاس...) والمتمثل في كساد نماذج مثل القيسارية والفنادق...
اليوم بعدما أصبحت ساحة الهديم في ملمح مليح يَسرُّ الناظر والسائح. لا بُدَّ من الحفاظ على هذا المنحى الراقي لجمالية الساحة. لا بُدَّ من ضمان الاستدامة الوظيفية /الموضوعاتية للساحة. لا بُدَّ من خلق الالتقائية بين ما يمكن أن تحتضنه الساحة من أنشطة فنية وثقافية واستعراضية وتنمية المدينة الذكية. قد نكون من صنف المتفائلين في رؤية إعادة توظيف ساحة الهديم، وفق دراسة تفاعلية تأخذ من تَخْطيط الجدوى سياسة التوظيف الثاني للساحة بعد التأهيل، وهذا مطمحنا جميعا بالقصد والاقتراح.
اليوم، قد لا نتحدث عن الجمعيات المهنية التي باتت تتكاثر مثل الفطر الغابوي، لأننا في هذا المنحى سَنقعُ دائما في تلك التحولات من جمعيات مدنية نحو جمعيات مهنية مطلبية ترافعية (تشابه عمل النقابات). اليوم ساحة الهديم تحتاج إلى رُؤية إستراتيجية بعيدة المدى، وبِصِيغة الضبط والتنظيم. تحتاج بحق قيمتها التاريخية إلى إنشاء (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف). نعم، قد نُعْلي من مسويات تأهيل التفكير والتنظيم والتخطيط. نُعْلِي من شأن الحكامة والرؤية البعدية لمستقبل ساحة الهديم.
ومن بين المقترحات في هذا التفكير التنظيمي، أن يكون على رأس هرمية الوكالة إطارٌ من درجة باشا (باشا الدائرة الأولى/ باب بوعماير)، ومن كفاءة السلطات الترابية التي خبرت تدبير الأزمات الاختلافية للمدينة العتيقة باتجاه التوافق والاندماج والتيسير. باشا يرأس (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف) ويكون لساحة الهديم قسم داخل الإدارة الترابية لهذا الغرض. باشا (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)، يرأس مجلسا إداريا متنوعا (محدود التمثيلية من المتدخلين بالصفات والمهام)، فضلا عن مجموعة من الموظفين الإداريين (التدبير الإجرائي للتنظيمي الوظيفي).
باشا (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)، يدير الساحة وفق قانون دقيق إلزامي وبهيبة من الدولة القانونية، وليس بقانون الأساسي للجمعيات المدنية (المهنية/ المطلبية)، حتى وإن كان هذا القانون الأساسي عبارة عن تعاقدات والتزامات !! فالمتغير الممكن في المواقف نفترض حدوثه !!
نعم، رأينا البسيط يستجمع قواه الاقتراحية من الاستدامة التفاعلية للساحة، والالتقائية مع تدبير الحكامة والجودة والجدية والصرامة، حيث نقلل من تضارب مصالح الجمعيات المدنية (تعدد أصناف الجمعيات)، ونُبْقِي الساحة بعيدا عن التجاذب، ووفق تنظيم فريد لا تشوبه أنانية النفعية الذاتية (المهنية)، وإنما تبقى المدينة ومعلمة ساحة الهديم فوق كل الاعتبارات. باشا (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)، تُفوضُ له هيئة من الشرطة الإدارية تكون تحت إمرته المباشرة، لتيسر عمله في الميدان. باشا (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)، يرخص لكل نشاط كيفما كان بالساحة وبالالتزامات الضرورية والتعاقدية. باشا (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)، يُقوِّمُ ويُتابعُ أثر وأداء الجودة، وما يقدم، حتى لا تسقط الساحة في تلك الفوضى الماضية.
قد لا نستصغر ساحة الهديم عن تدبير الجمعيات (المهنية المتعددة)، فالساحة أكبر من هذا وذاك، وتحتاج المأسسة القانونية لتدبير أيام وأعياد الساحة. تحتاج بحق إلى (وكالة ساحة الهديم لتثمين التراث وإعادة التوظيف)لأنها بحق وجه المدينة، ومدارها السياحي الارتكازي.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2024-03-17 12:30:06 |