أبيع أحلامي الباقية... وأحلام مدينتي... مكناس

أبيع أحلامي بالترتيب العمري والزمني والمكاني. أبيع أحلامي لمغرب المستقبل، ولمدينة الأساطير والسلاطين والخرافة والأضرحة الحامية. أحلامي لا توازي أفكار غارسيا ماركيز في جوهرة (بائعة الأحلام)، بل أحلامي هي من نسج الواقع المُرقع والمُرقط، ولا من خيال الكاتب الروائي الإبداعي.

أبيع أحلامي، فما على الدولة إلا أن تشتريها جملة وتفصيلا، وتشفرها بالترميز ضمن السجل الاجتماعي، وتخزن معطياتها داخل محتويات ملف (سري جدا). سأبيع أحلام ستة عشرة حق في دستور2011 عددها وصنفها. قد أبيعها في أغلى متاحف العالم، وبالمزاد العلني. أبيع أحلامي لمن يُقَدرها في النوعية، ولا يزنها عدا نقديا. أبيع أحلامي التي هي ملكي، ومن جيل أفكار (المحرر) و(أوطيم) الطلابي. أبيع ما تبقى من أحلام جيل ما بعد الاستقلال، أبيع كل الأمل في الكرامة والتغيير السلمي و ذاك الرفاه للجميع الذي أتى به النموذج التنموي الجديد، أبيع حتى أحلام الثقة في المستقبل .

أحلامي يا سادتي الكرام،  بسيطة حد التهجئة الأولى عند الأطفال. بسيطة مثل مطالب ساكنة مدينة مكناس الطيبين. أحلامي لم أعمل يوما على تصنيفها وترتيبها بالأولويات، بل تركتها مهملة، وهي تصنع الفوضى الخلاقة بالكتابة. أحلامي اليوم يا سادتي الكرام تفوق حلم دراسة الجدوى. تفوق كل تلك المصطلحات الكبرى التي لم أع يوما دلالتها الكمية، ولا النوعية غير أنهم مثل (Power point باور بوينت) الخاص بالعروض التقديمية، يلتهون بعقولنا وبذكائنا الفطري الاجتماعي بالتشتيت. أحلامي من جيل (أحمد والعفريت) و(الرمح المسحور) و(زوزو الصياد) و(طاحونة الطلاسم)... أحلامي من قصص الخرافة آتية بلا مناولة حقيقية.

أبيع أحلامي مرة واحدة مكتملة، وهي تحمل بعضا من توابل (الكرامة / العدالة الاجتماعية/ العدل/ الإنصاف والمناصفة). تحمل ما سد الخبر من البياضات والفراغات القانونية الموجودة في الدستور. قد تقولون كل هذا هو حلمنا جميعا في مملكة الفوارق الاجتماعية، لكن أحلامي تحمل هندسة عجيبة من متتالية (ادفع) بالإصلاح والأمن السلمي الاجتماعي الوطني.

أبيع اليوم أحلامي، وقد أقف غدا مثل المصاب بمرض إعاقة (الزهايمر)، لا أعرف وطني، ولا مدينتي مكة وناس، ولا عترتي القوية، ولا عشيرتي القبلية الممتدة من الهوية المنفردة إلى الهوية المشتركة. 

إعلان بيع أحلامي سيصلكم سادتي الكرام، لكن لن أبيع ذاكرتي ومُخزناتها العمرية. لن أبيعكم ذكرياتي في الملهاة الكوميدية، ولا في المأساة التراجيدية، فأنا أعرض أحلامي المشتركة بيننا، وأتخلص منها طوعا في المزاد العلني وبحضور موثق عدلي ومحاسب. أبيعها بعقد الحبس للوطن ولكل الأجيال القادمة، ففي فركها وتفككيها نربح فرصا جديدة من مشاكل عالقة، ونتجنب تهديدات (منْ (56) ما شَفْنَا وَالُو...)