آخر الأحداث والمستجدات 

وإن لله لنفحات

وإن لله لنفحات

لقد أنعم الله علينا،نحن معشر المسلمين، بنعمة لو ظللنا نعبد ما طال الليل والنهار ما أدينا شكرها ألا وهي نعمة الإسلام. فقد أنزل لنا أفضل كتبه وأرسل لنا أفضل رسله وتفضل علينا بأكمل شرائع دينه.

بل ومن مزيد تنعماته وتفضلاته علينا أن تكرم علينا بمواسم ومحطات للخير نتزود فيها ما فيه صلاح لنا في معاشنا ومعادنا. ولعل أهم محطة هي شهر اليمن والبركات والمكافآت: شهر النافلة فيه بمثابة الفرض والفريضة تضاعف إلى سبعين ضعف وأن صيامه إيمانا واحتسابا يكفر جميع الذنوب السالفة، فأي خير بعد هذا الفيض والعطاء الرباني أفضل؟

إن مدرسة الصيام موادها مباركة ومكثفة: صيام، صدقة، معروف، صلة رحم، تغافر، إصلاح ذات البين، ذكر متواصل أناء الليل وأطراف النهار، قيام استغفار بالأسحار.. هي مواد ذات جودة عالية وليس كما اعتاد الناس في زماننا، إذ اتخذوا من الشهر فرصة للنوم بالنهار والسهر في المقاهي ومشاهدة المسلسلات الماجنة وتضييع الأوقات الثمينة في اللهو وكل ما ينقص من أجر الصيام.

فياحسرة على العباد، فما يأتيهم من خير إلا واستقبلوه لاهية قلوبهم وهم يصدون عنه متغافلين.

فما أحوجنا لقراءة في حال السلف لنبكي دما على ما فرطنا في جنب الله وإهدارنا للفرص الثمينة. وقد نندم ونتحسر عن ذلك يوم الوقوف بين يدي الله تعالى فيصدق علينا قول ربنا "حتى إذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت" المؤمنون 99

فعن الطفيل بن أبي كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى صاحب بيعة ولا مسكين وأي أحد إلا سلم عليه قال له الطفيل: فجئت عبد الله ابن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول اجلي بنا هاهنا نتحدث، فقال: يا أبا بطين إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقيناه" رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح

هذا هو الحرص من السلف الصالح على كسب الحسنات، وإنهم لا يفرطون فيها. قس حين نحن تنفلت من بين أيدينا حسنات وحسنات، نرجو ألا تكون علينا حسرات، وابن عمر رضي الله عنهما من أحرص الناس على المبادرة لفعل الخير، لما حدثه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من تبع الجنازة حتى يصلي عليها له قيراط ومن شهدها حتى تدفن كتب له قيراطان قيل: وما القيراط يا رسول الله! قال:"مثل الجبلين العظيمين: أصغرهما مثل أحد" ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال: والله لقد فرطنا في قراريط كثيرة ثم صار لا تحصل جنازة إلا تبعها. وهكذا السلف الصالح إذا علموا ما في الأعمال من الخير والثواب بادروا إليها وحرصوا عليها، فالذي ينبغي للمؤمن أن يكون على فعل الخير كلما بان له خصلة فليبادر إليها.

سقنا المثالين وما أكثر الأمثلة التي قدمها لنا الصحابة في التزامهم بتعاليم هذا الدين، ولولا ذلك ما ساسوا العالم من قبل، وتبوأوا المكانة الرفيعة بين الأمم بل أدخل التجار المسلمون الكثير من سكان الصين والهند بأخلاقهم التي علمهم إياها ديننا وألبسهم لباسها القشيب الذي كل من لبسه أصبح في أبهى حلة.

لقد أوشك الشهر على الانقضاء فطوبى لمن اغتنمه في الطاعات. أما من كان من المقصرين فباب التوبة مازال مفتوحا والله يفرح بتوبة عبده أشد الفرح، وأن يبادر للإعراض عن حظوظ الدنيا. لهذا كان الأيقاظ من أهلها هم العباد وأعقل الناس هم الزهاد.

فلا سعادة للمرء في هذه الحياة إلا في تقوى الله ويكفينا قول الله تعالى "فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى. ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى"طه123/ 124

لنحاول أن نستبدل لباس هذا الزيغ واتباع الهوى بوشاح الهدى لأن خبيئة الباطل تزول. والمصير إما لهوان وعذاب، وصغار أو عز ونعيم، فالكيس من اختار السبيل الحق قبل أن تبلغ الحلقوم ونعجز عن العودة لفعل ما فرطنا فيه بالأمس واليوم.

 

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : يوسف
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2013-07-29 22:38:36

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك