البلشون أو طِيرَ بَقرْ حتى هو يعيش أزمة في غياب الفضاء البيئي المحتضن

هذه الظاهرة جاءت بعد تلك التحولات البيئية والعمرانية التي عرفتها مدينة مكناس، بعدما كانت في الماضي القريب روضة من رياض الجنة، فقد كان ماء وادي بوفكران يصل إلى الحي ليسقي مزارع المعمرين من كروم وغلال متنوعة، اليوم لا ماء ولا مجال جمالي بيئي !!.

كان البلشون (طير بقر) فيما مضى يعيش ضمن قُطعان كبيرة ويسكن تلك الأشجار الباسقة التي كانت تُزين الأراضي ما وراء (سيفطا)، وتلك البركات المائية الراقدة التي لازالت شاهدة عن زمن مدينة البيئة الغناء. اليوم بات (طير بقر) يعيش التشرد والضياع وقلة مورد العيش، وقد يزاحم حتى رجال (الميخالة) في (الميخالة).

تجد (طير بقر) أتلف مشيته فلا هو يقلد مشية الحمامة، ولا هو يطير مثل الغراب. كانت زمن (طير بقر) السعيد، أيام المحراث الخشبي يتبع صديقه الفلاح في تناغم السير والوقوف، كان يقتات على ما تخرجه سكة المحراث من ديدان وحيوانات (الضفادع الصغيرة)، فقد كان يمثل المقياس الطبيعي لنقاء البيئة والتربة، اليوم بات المسكين يتغذى على القمامة البشرية !! كان فيما مضى يعيش بقرب المورد المائي والبرك، اليوم متممات عيشه تم تدميرها بالتمام، وباتت المدينة طيعة أمام الآجور الأحمر، وجرا فات المنعشين العقاريين، وباتت اليوم الساكنة تحتضنه بالرأفة والعطف وتقديم الطعام والماء له، حتى أصبح كسولا عن الطيران البعيد أو القيام برحلة الشتاء والصيف .

حين تحاول الاقتراب من (طير بقر) وهو منشغل في البحث عن مورد حياته، ولقمة صائغة في القمامة، ينظر إليك بعين مائلة وكأنه يقول: اتركني و شأني، ولا تحاول إبعادي عن صناديق القمامة، فهي ما تبقى لذي من حاضركم البئيس !!