آخر الأحداث والمستجدات
من ذكريات مسبح الميني سيبال بمكناس
يحمل مسبح (الميني سيبال/ Municipal Piscine) ذكريات وطيدة في نفوس أجيال من ساكنة مدينة مكناس. ذكريات تحضر من الذاكرة القصية والقريبة بنوع من الإثراء والبهجة عن ماض قد مضى بصفاء ماء (العوينة الصافية ) المغذية لصهاريج المسبح، وحاضر لازال فيه (الميني سيبال) مقفلا في وجه شباب المدينة، رغم موجة الحرارة الحارقة.
بصدق فقد تغيرت ملامح المرافق العمومية بمكناس نحو هاوية التدوير بالصباغة والتفتيت ولما لا نحو التفويض المستديم، ولم يتم استدراك الإخفاقات المتتالية في تجسير قنطرة أُفق شفاف لسياسة التجديد والابتكار بجماعة مجلس مكناس. في الماضي كان مسبح (الميني سيبال) مجالا بيئيا يمثل متنفسا أخضر بمكناس. كان الوادي وبدون مخلفات (المياه العادمة) يمر بجواره باتجاه حدائق (السلاوية) وقنطرة (الفخارين). كانت مياه (الميني سيبال) تُغيَّرُ يوميا ابتداء من الساعة الرابعة مساء (ساعة الإفراغ)، والبدء في تجديد مياه استقبالا لليوم الموالي.
من تسابقنا ونحن صغار السن، من يرتمي أولا في مياهه النقية ابتداء من الساعة السابعة صباحا؟ بحق كانت تلك الأيام الخوالي من الزمن الرفيع لمدينة مكناس الباهرة. في ليلة نية التوجه إلى مسبح (الميني سيبال)، كنا أصدقاء من حي الزيتون نتقاسم المهام والأدوار والتحضيرات، فالبعض منَّا كان يُحضر الفلفل المقلي والبادنجال، والآخر يأتينا بمطيشة والبصلة البيضاء والملح والزيت لأجل تحضير (شلادة مغربية / Salade Marocaine)، فيما الآخر فيتكلف بشراء (بطيخة) والخبز وعلب السردين المصبر والزيتون و(لَحْرُورْ).
من الذكريات حين كان الواقي من أشعة الشمس طبيعيا (آمبر سوليرAmbre Solaire ) نصنعه من الزيت البلدية والحامض الطبيعي والقليل من معقم (الكحول الطبي)، كانت تلك الأيام تماثل جيل (الديباناج / Dépannage) وبلا إسراف في استهلاك الوجبات السريعة !! طفولة قضيناها بين وادي بوفكران ( البَلَيْصَة قرب دار الضو بوادي بوفكران) و(الشراشر بحي الزيتون) و(العوينة الصافية) و(الميني سيبال)، عطلة كانت تمتد طيلة ثلاثة أشهر(03) نقضيها بين تعلم صنعة أو حرفة يدوية، ثم السباحة والعوم واللعب، وصناعة الفرجة الجماعية الآمنة.
كان(الميني سيبال/ Municipal Piscine) يقسم في مواضع جلوسه (عرفيا) تحت الأشجار السامقة الظليلة (شجرة حي سيدي عمرو) و( شجرة أولاد القصبة) و(شجرة أولاد الزيتون) و( شجرة أولاد سباتا بني امحمد) و(شجرة أولاد برج مولاي عمر) و(شجرة أولاد حمرية) وقد كنا نطلق عليهم حين ذاك (وليدات الفشوش)... كان بحق التعارف بيننا يُوَفِّيهِ الاحترام والاحتياط. كان الملعب الصغير المستدير تقام فيه مباريات تنافسية خاصة عند وجود لاعبين من (الكوديم) أو (النجاح) أو (السكك) أو(الدفاع) أو(الأطلس) أو (البرج)... كان اللاعب (عزيز الحبادي) من النادي المكناسي يجارينا في (هَبَالْنَا وحَماَقْنَا) ويلعب معنا مباريات كثيرة يكون فيها بالطبع هو البطل الذي لا يتغير حتى ولو في خسارة فريقه.
من الذكريات الحاضرة بقوة الاستحضار المرحوم (باسيدي) ابن حي بريمة وإتقانه لفن السباحة العالمية وبكل الأشكال، كما كان يتقن فن العراك والخصام والتلاطف، وكان بمقدوره أن يواجه ثلاث خصوم في آن واحد، وهذه مشاهد لازلت أتذكرها حين صفقنا له بالفخر في شاطئ أصيلا عندما دافع بشراسة عن أبناء مكناس من تنمر شباب من مدن أخرى. من الذكريات (معلمي السباحة / Maître nageur) حيث كانوا بحق يسهرون على الإنقاذ ونظافة المسبح والحفاظ على الأمن، وحتى الممرض كان يتواجد بالاستدامة بالمصحة الصغرى التي كانت حاضرة بالمسبح، بجوار مستودع الملابس، فهل بحق تقدمت مسابح مكناس؟ أم تأخرت لعدة سنين معدودات وضيعناها؟ من الذكريات أنك لن تلج صهاريج المسابح الكبرى حتى تمر تحت الرشاش، وتَغْطس رجلاك في بركة ماء صغيرة، كان (الميني سيبال/ Municipal Piscine) بحق ذاك المنفذ الآمن لأبناء مكناس وبناته وأسره، فمتى سيعلن في 2023 بفتح أبوابه؟
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2023-07-01 12:43:18 |