آخر الأحداث والمستجدات 

آخر ما تبقى من البناء القديم بحي الزيتون

آخر ما تبقى من البناء القديم بحي الزيتون

قد تكون الذكريات تستحوذ على مشاعرنا الداخلية، وَتَفتك بنا بالأسف والتأسي، وَتُمسي بنا نتذكر الماضي و شغب الصغر، والمتغيرات غير المتوقفة. غير بعيد عن مطحنة الجبابرة (القديمة) التي سبقت أن خصصنا لها ذكرى كتابة. اليوم على مرأى من المطحنة بالخلف يلوح بيت بقي بحق شامخا بين التحديثات الجديدة التي أصابت عراصي الجبابرة وحي الزيتون، وقضت على درب (كروف/ معمر استوطن الحي وكانت له ذكريات وفيرة مع الساكنة) المخيف، و شلال ماء الشراشر المتساقط من السور الإسماعيلي.

البيت القصديري المقام بطريقة (التقبيب) الشمالية، كان فيما مضى يزهو وسط مجاله البيئي الطبيعي وشجرة التوت العالية. كان شامخا ويتوسط متنزها أنيقا، وماء (قادوس الجبابرة الآتي من السلوقية) الذي يمر بالمحاذاة منه ساقيا كل العراصي. كان نمط بنائه انقلابا على نمط تغطية البيوت بحي الزيتون (أَعْريشْ البْرُومي) التبن الغليظ.

اليوم البيت القصديري المسنن، يظهر نشازا بين البيوت (الياجور) الجديدة، يبدو يذكر وجود كل من سكن به من أهل الزيتون الأوفياء للأرض والحي والساكنة (القبيلة). بقي هذا البيت يميز المكان بجمالية تفرده التاريخي. اليوم البيت يعاني تنكر الزمن والتاريخ، يعاني غياب رؤية تعيد له نور (لامبا) و(الفران) والما لحلو. تعيد له تاريخه الذي مضي بالشواهد الزاخرة. تعيد له توهج ناس الزيتون الأحرار بالتآخي والتآزر.

قد تكون الدور الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة، قد استفادت من برنامج الترميم، لكن التوجه بقي حبيسا بالمدينة العتيقة، ولم يتم تعميمه على مجموع المدينة والتي تمتلك شواهدَ تاريخية أنيقة وبسيطة.

يذكر التاريخ من رجال ذاكرة حي الزيتون، أن المرحوم المهدي بن بركة (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) قد عقد اجتماعا نضاليا في ليل مطيرة قرب فران الجبابرة، وتجول بحي الزيتون ولم يبرح مكناس الزيتون إلا وقد أسس مكتبا للحزب (كان أبي رحمه الله عضوا به). قد كان المهدي بن بركة حسب التواتر الشفهي يُحْسن الإنصات، والتواصل الفعال وكانت شعبيا قبل أن يكون مؤسسا بالروح لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كان بحق يعز مكناس وساكنتها في نضال.

هو بيت من قصدير بسيط آخر ما تبقى من شواهد الزيتون القديم، بيت لازال يحمل عبق التاريخ المسكوت والمهمل، ولم نقدر (نحن) بحي الزيتون الترافع عن ذاك الموروث الثقافي والعمراني والروحي بالحي، ولا حتى إيقاف تلك التشويهات التي أصابت العمارة القديمة لمسجد (الأبيض)، وقد تصيب بالتغيير حتى مسجد (سيدي امبارك)، والذي نعتبره مثل الزاويا.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : محسن الأكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2022-09-06 23:36:51

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك