آخر الأحداث والمستجدات 

على هامش أجواء المباراة الفاصلة للأسود أمام الكونغو الديمقراطي... ذكريات حزينة وأخرى عن بداية حلم

على هامش أجواء المباراة الفاصلة للأسود أمام الكونغو الديمقراطي... ذكريات حزينة وأخرى عن بداية حلم

مباراة المغرب ضد الكونغو الديمقراطية برسم ذهاب مباراة السد المؤدية إلى مونديال قطر، تحيي السواكن، ترجع عجلة التاريخ إلى نقطة البداية وتذكر بأحداث مضت، وتضعنا أمام ذكريات، بعضها مشع بالأمل، والبعض الآخر يحيي ألم لحظات كدنا ننساها ونطوي صفحتها. ما يحيي هذه الذكريات، الأليم منها والجميل، الخصم والمناسبة، إضافة إلى توقيت إجرائها.

بالنسبة للخصم، فهو يصر على أن يعكر صفونا، وينغص علينا آمالنا في التأهل، أو على الأقل، في خوض المنافسة بشرف، يبارك فيها المنهزم ويقدم له التهاني بمناسبة حضوره المونديال الأول على أرض عربية التي نتمنى صادقين أن نكون نحن من يحضرها.

خصمنا العنيد، لا يزال يعيش على التاريخ، راغبا في إحيائه حرفيا. ذلك التاريخ الذي لا يشرف القارة الإفريقية، ولا كرة القدم، ولا الروح الرياضية التي بشر بها بيير دي كوبرتان، باعث الألعاب الأولمبية الحديثة، وصاحب فكرة المهم هو المشاركة، التي فقدت كل معنى سام لها.

خصمنا العنيد، فضل أن يضرب الحائط بكل قيم الضيافة، واستقبال الآخر ببشاشة، والإيمان بأن كل مباراة في كرة القدم أو غيرها، هي في الأول والآخر، لعب، وليست حربا تعد لها الأسلحة وتشحذ لها الهمم. وقد أعلنها صراحة منذ أن حطت أقدام لاعبينا أرض كينشاسا، حيث غاب الاتحاد المحلي عن مطار المدينة، حسب ما أفادت بها وسائل الإعلام، مع مضايقة الجماهير لعناصر منتخبنا، انتقلت المضايقة إلى الملعب الذي سيشهد إجراء المباراة.

ما وقع في كينشاسا، وما يُنتظر حدوثه خلال المباراة، ليس بالغريب على بلد أكرم وفادتنا بعمل شبيه بما يحدث الآن منذ عقود. البلد الذي كان يحمل اسم زايير، استقبلنا بعاصمته لإجراء مباراة مصيرية في ظروف مشابهة لما يقع الآن، بغية الظفر بتذكرة المرور إلى كاس العالم، ميونيخ 1974، وقتها لم يكن بالإمكان تأمين النقل التلفزي المباشر، كما أن الاتحادين العالمي والقاري باللعبة، لم يكونا بنفس القوة التي يتمتعان بها الآن. ظروف كانت تجعل من المنتخب الذي يستقبل بميدانه، غير مستعد لقبول الهزيمة، أو التعادل، تحت أي ظرف كان. فكان الاعتداء على اللاعبين جهارا، أما الحكام، فلكي يضمنون عودتهم إلى ديارهم سالمين غانمين، فعليهم أن يبدعوا في تمكين الفريق المستقبل من كل الفرص للفوز بدون مشاكل، ولو أدى بهم الأمر إلى احتساب ضرب جزاء لصالح أصحاب الأرض، عن خطإ وقع في معتركهم، تماما كما يحدث في مناسبة وقف عندها قانون كرة السلة. ولو كنا محظوظين في توفرنا على حارس من مستوى علال، يتمكن من صد ضربة الجزاء، فإنه ببساطة يطلب إعادتها، تاركا الواصف الرياضي على الراديو، الذي لم يكن متاحا غيره، يصيح بأعلى صوته: كالو عاودها، كالو عاودها.

والحصيلة فازت الزايير بميدانها بثلاثية، وانسحب المغرب في مباراة العودة احتجاجا على ظروف إجراء مباراة الذهاب، ليكون المنتخب المتأهل، أسوأ من مثل إفريقيا بتلقيه حصصا ثقيلة، خاصة من طرف المنتخب الظاهرة، هولندا.

أمام توقيت المباراة، فقد أعاد إلى اذهاننا مباراة أخرى، في ظروف مغايرة. فالمباراة ستجرى خلال يوم عمل، يكون فيه التلاميذ في أقسامهم، نفس الشأن بالنسبة لأساتذتهم الذين سيكون عليهم تقديم حصص دراسية خلال نفس الفترة التي سيجرى فيها اللقاء. هذه الظروف أرجعتني عقودا للوراء، لأتذكر مباراة كانت نتيجتها محسومة، لكن ليس في مصلحة الأسود، لكنها كانت محملة بآمال عريضة تحققت في الغالب.

فقد خاض الفريق الوطني المغربي، الذي كان يعج بالنجوم في كل المواقع، يتقدمهم هداف المنتخب المغربي على مر العصور، والأول من بين اللاعبين المغاربة يفوز بجائزة الكرة الذهبية، أحمد فرس، مع الحارس العملاق الهزاز... وغيرهما كثير. خاض الفريق الوطني مباراة إقصائية للتأهل إلى الألعاب الأولمبية 1980 ضد الجزائر على أرضه، في عز الأزمة بين البلدين نتيجة تطاول الجار على المغرب، وإقحام نفسه في ملف وحدتنا الترابية، ودعمه لانفصاليي البوليزاريو. إلا أن نتيجة المباراة كانت مفاجئة بكل المقاييس، وشكلت صدمة للجميع، بعد انهزام الفريق الوطني على أرضه وأمام جمهوره بخمسة أهداف مقابل هدف واحد، وكان موعد مباراة العودة بعد أسبوعين بالجزائر.

المباراة حظيت باهتمام خاص، ليس أملا في التأهل، ولا انتظارا لرد الصاع للجزائريين على أرضهم، ولكن لأن قرار البناء من جديد قد اتخذ وقتها، بناء كان من نتائجه ما حصل في مونديال 1986 حينما تمكن الفريق الوطني من التأهل إلى مونديال المكسيك، وتغلب على البرتغال، وتعادل أمام إنجلترا بهدافها وبولونيا بنجمها بونياك، ليكون أول منتخب عربي، إفريقي يتأهل إلى الدور الثاني من المونديال.

القرار الذي اتخذ وقتها، يقضي بحل المنتخب الوطني، والإتيان بفريق جديد يتكون من لاعبين شباب، سيبصمون على بداية مشوار لا حدود لآفاقه. لذلك كان الكل متحمسا لمشاهدة مباراة العودة، رغم الهزيمة الكبرى بميداننا.

المشكل أن اللقاء كان سيجرى مساء الجمعة لأواخر دجنبر من سنة 1979، وهو آخر يوم للدراسة قبل حلول عطلة الدورة الأولى (أظن أن العطلة تكون بعد 21 دجنبر)، كنا نأمل أن يتم تقديم موعد العطلة، أو يخبرونا في الإعدادية أن الدراسة ستتوقف مساء الجمعة، كما جرت العادة في اليوم الذي يسبق العطلة. سلمت أمري لله، وذهبت للإعدادية (كنت أدرس بإعدادية محمد بن عبد الله بمكناس)، وتركت المنزل جمهورا في منزلنا من الأصدقاء والجيران حلوا به لمتابعة اللقاء. 

الحصة المسائية كنا سندرس فيها مادة الاجتماعيات عند الأستاذ عبيش، قليل هم التلاميذ الذين حضروا، والبعض منهم حمل الترانزستور، تابعنا أجواء ما قبل اللقاء، في وقت كان الأستاذ عبيش يبدو أنه غير مستعد لتقديم الدرس، ليسمح لنا أخيرا بالخروج، انطلقت عدوا نحو المنزل، الذي وصلته قبيل بداية اللقاء.

رغم الهزيمة، آمن الجميع أن المستقبل لهذا الفريق الشاب، كان يضم وجوها ستصول وتجول في ميادين كرة القدم بالمغرب والخارج، على رأسهم الحارس الشاب، بادو الزاكي، موح، جواد، عبد اللطيف حمامة، سعيد الصديقي ( مدرب الكوديم) المرحوم عزيز الدايدي، وتم تعزيز الفريق بأسماء أخرى، البوساتي، الظلمي، ليمان... ذهب الفريق إلى نيجيريا لخوض غمار كأس إفريقيا..... وكانت هذه بداية حلم...

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : عبد العالي عبدربي
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2022-03-25 12:43:45

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك