ويسألونك عن اروامزين، قل أخباره عند ريشار !

لم يقض ريشار جزءاً كبيراً من حياته بمدينة مكناس التي حلّ هو وأمّه بها سنة 1948، فقد غادرها سنة 1958 إلى العاصمة الرباط ثم من هناك سنة 1961إلى الدار البيضاء التي ألقى بها عصاه واستقرت به النّوى إلى أن وافته المنيّة بتاريخ 6 ماي 2015.

رغم قصر الفترة التي أمضاها بالمدينة، إلا أن طفل 14 سنة آنذاك استطاع أن يختزل بذاكرته الكثير من الأمور والتفاصيل والأخبار عن المدينة ككلّ وبخاصة شارع اروامزين الذي كان يعرف كل شاردة وواردة عنه، ساعده في ذلك طبيعة عمله كسائق تاكسي ولكون أمّه التي عاش لفترة طويلة معها كانت عند وصولها إلى مكناس واستقرارهما معاً بالشارع المذكور قد امتلكت فندق باريس إلى غاية 1951، فندق باعته سنة 1951 لتشتريّ بدله وبنفس الشارع فندق المغرب والذي بقيا به حتى انتقالهما إلى حمريّة سنة 1956 عقب الأحداث الآنفة الذِّكر. 

كان لصاحبنا ذاكرة خارقة بشهادة مرتادي مواقع دافينا ودارنا وروا د لابيير التي كان يواظب على الكتابة بها، مضيئاً بمعلوماته الغزيرة كثيراً من الأمور عند مجايليه ممّن يحبّون ويحنّون إلى مدينتنا ويتحسّرون عند كل زيارة إليها على ما آلت إليه أوضاع مبانيها وشوارعها وقاعات السينما بها.

يعرف أسماء ساكنة هذا الحيّ من ذوي الأصول المتنوعة ، من قبارصة ويونان وجزائريين وإيطاليين واسبان ونوع أنشطتهم ومحلات تجاراتهم( متاجر الملابس والخياطة، مخبزات، مقاهي، بقالة، محل الشرائح والنقانق، مخادع ،قطع الغيار...) وقد يتذكّر أحياناً حتى أرقام لوحة تسجيل سيارات بعضهم.

كان بحوزة ريشار سجلّي هاتف لسنتي 1937 و 1955 يساعدانه عند الضرورة أو عند طلب أحد من أصدقائه التبيّن والتثبّت من صحّة الأسماء والأرقام وطبيعة النشاط المزاول لأصحابها، كان بحقّ موسوعة حيّة وشاهد عصر افتقده أصدقائه و افتقده كاتب هذه الكلمات من أبناء حيّ اروامزين.