آخر الأحداث والمستجدات 

المدينة القديمة بمكناس على حافة الكارثة

المدينة القديمة بمكناس على حافة الكارثة

يعاني النسيج العمراني للمدينة العتيقة بمكناس وضعية صعبة بسبب خطر البنايات الآيلة للسقوط، ما جعل سكانها غير آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم. وطالب المتضررون المسؤولين المحليين والمركزيين التدخل الفوري تجنبا لحدوث كارثة، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. وسبق للوكالة الحضرية أن ذكرت في تقريرها السنوي الذي عرض على مجلسها الإداري السابق أن هشاشة البنايات وغياب الصيانة والاستغلال تساهم في التدهور المستمر لبعض البنايات الآيلة للسقوط وسط المدينة العتيقة.

وأحصت الوكالة نفسها أزيد من 1556 بناية مهددة بالانهيار، 279 منها في وضعية كارثية. واعتبرت الوكالة نفسها أن مشروع إعادة وتأهيل المحور الرابط بين باب عيسي وباب بردعيين المنجز من طرف شركة «العمران»، من أهم التدخلات التي عرفتها المدينة العتيقة، على عكس عملية تقوية وترميم البنايات المهددة بالانهيار التي تعترضها مشاكل تقنية، من قبيل غياب تخصصات في ميدان ترميم البنايات المتقادمة، وتعقد سير الأشغال ونقص الخبرة، إضافة إلى المشاكل الاجتماعية، إذ أن أغلب سكان المنازل الآيلة للسقوط من مكترون فقط، ولذلك تعتبر قرارات الإفراغ غير منصفة لهم. كما طرحت مشكل ارتفاع تكاليف عمليات الترميم.
وما زاد سوء وضعية المدينة العتيقة بمكناس، حالة الممرات الطرقية التي تخترقها والشقوق الأفقية والعمودية التي تطول بعض البنايات والمرافق الاجتماعية كالمساجد والحمامات والفنادق القديمة والأبواب. كما أصبح المرور من شارع «الروامزيل» خطرا حقيقيا نتيجة الوضعية التي توجد عليها الدور السكنية الآيلة للسقوط. وبدأ سكانه يطالبون الجهات المعنية بالتدخل الفوري لإنقاذ الوضع قبل فوات الأوان، خصوصا أنه يعد من المناطق العتيقة ومقر استقرار المعمرين مع بداية القرن الماضي، مما يفرض النظر في المشكل بشكل مستعجل، خاصة أنه يعد ممرا إستراتيجيا لأسطول السيارات والحافلات.
ومن بين التشوهات التي أصبحت تعتري النسيج العمراني بالمدينة القديمة، اختفاء السقايات، إذ لم تعد الجماعة الحضرية قادرة على أداء فواتير الماء أو الحفاظ عليها كتراث.
وتعاني عدة أحياء من هشاشة البنيات التحتية، وتدهور شبكة الصرف الصحي وبروز أسلاك كهربائية معلقة بشكل عشوائي على طول واجهات البنايات، مما يؤدي إلى وقوع تماس كهربائي من شأنه إشعال حدوث حرائق ويصعب معه دخول آليات الإطفاء التابعة للوقاية المدنية لإخمادها. وما زاد من تعقيد الوضع غزو الإسمنت المسلح دروب المدينة، إذ لجأ بعض مالكي الدور القديمة إلى هدمها، وإعادة بناء منازل بالآجور والحديد، طمست ملامح المعمار القديم.
وساهم هذا التغيير في تشويه المنظر العام للنسيج العمراني القديم، الذي تحث المنظمات الدولية على الحفاظ عليه، باعتباره إرثا حضاريا وتاريخيا، صنفت على أساسه العاصمة الإسماعيلية سنة 1997 تراثا إنسانيا من طرف منطقة اليونسكو.
ويرى مهتمون بقطاع السكن بالمدينة القديمة أن مشاكل البنايات الآيلة للسقوط التي جرى إحصاؤها معقدة جدا، خاصة أنها مرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي لغالبية الأسر التي تسكنها من جهة، وبالإكراهات التي يواجهها قطاع العقار على العموم من جهة ثانية.

لجن تحدد حجم الأضرار في 15 حيا


أفاد مصدر مطلع أن لجنة متخصصة تقوم بمعاينة البيوت العتيقة، لتحديد حجم الأضرار التي لحقتها، والوقوف على ما تقتضيه حاجياتها ومحاولة معالجة وضعها لتفادي تسجيل الحوادث. وتحدث المصدر ذاته عن أن حوالي 40 منزلا لم تعد صالحة بتاتا للسكن، وأصبح هدمها ضرورة ملحة لتفادي وقوعها في أي لحظة. فيما يستدعي عدد آخر التدخل للإصلاح والترميم والدعم، لأن بعضها مهجور من قبل مالكيها، ما يعرضها للتآكل ويزيد من تعقيد مسطرة التدخل. كما أن موسم الأمطار يزيد من تعقيد وضعية النسيج العمراني القديم بمكناس، وهناك تخوف من توالي مسلسل الانهيارات.
من جانب آخر، يلاحظ أن مشروع إعادة تأهيل هذه المنازل التي تستغلها أزيد من 850 أسرة، يندرج في إطار برنامج تأهيل المدينة العتيقة، وترميم المآثر، الذي تصل كلفته الإجمالية إلى 48 مليون درهم، وأعطيت انطلاقته قبل أربع سنوات.
وكان حادث انهيار صومعة مسجد باب بردعيين الذي أودى بحياة 41 مصليا وجرح العشرات، بداية دق ناقوس الخطر بالنسبة إلى المدينة العتيقة، إذ استدعى الأمر زيارة وزير الداخلية السابق لهذا الجزء من مدينة مكناس، والوقوف ميدانيا على حالات بعض المنازل الآيلة للسقوط. وقرر المجلس البلدي لمكناس تخصيص مبلغ مالي ضخم لإنجاز هذه المرحلة، فيما تحتاج المراحل اللاحقة التي تهم 500 منزل إلى افتحاص تقني لقرابة 15 حيا بالمدينة العتيقة. ولهذا الغرض، تم تشكيل ست لجان تقنية متخصصة تضم ممثلين عن شركة العمران والمجلس البلدي والوكالة الحضرية بمساعدة الوقاية المدنية، ثلاث تشتغل على مستوى مكناس وواحدة بالمشور وواحدة بتولال وأخرى بمولاي إدريس زرهون، تقوم بتحيين المعطيات المتوفرة وإعداد تقارير تقنية محددة
.

الصورة لمشهد من حادث انهيار صومعة مسجد باب البردعيين

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : حميد بن التهامي
المصدر : الصباح
التاريخ : 2013-06-03 20:14:57

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك