آخر الأحداث والمستجدات 

الأضرحة والزوايا اية مقاربة ...؟

الأضرحة والزوايا اية مقاربة ...؟

اضرحة اولياء الله الصالحين بالمغرب  ممتدة من الماضي السحيق الى الحاضر/ المستقبل بقوة الاعتقاد والحجية الدينية ،حضور مؤثث في الذاكرة الفردية /الجمعية للمجتمع المغربي بسلبية او بايجابية اثره . اضرحة نقرأ مسبقا انها  ساهمت وبقوة في بناء التاريخ المغربي بشقيه القديم والحاضر .

ان الضريح - او الزاوية - لم يكن قبر ولي صالح ولا قبر شيخ طريقة صوفية فقط معزول المدفن مغطى  برداء أخضر، بل هو اكثر من تلك القبة المنكسرة ،فامتداداته الاجتماعية /السياسية/الاقتصادية تفوق كراماته المكانية الزمانية في المرقد ،انه يمتلك لجام الحاضر /المستقبل لفرملة التطور الانعتاقي من سلطة  طلاسم التفكير الماضوي – العقدي الشعبوي – وفق نمطية خضوع  الذات الحية  لتوجيه كرامة رفات الولي الصالح من تحت ترابه  ....

فطن السياسيون للأمر فحولوا دفة لعبة الصراع السياسي على السلطة الى اقبية الزوايا والأضرحة بكل تقنية وسرية  ،فكان الأمر شبيها بالتخرج من كلية الزوايا السياسية بإجازة سلالية دمها نقي تحكم ،تسود بوصلة دينية اصلاحية ، تمتلك سلطة الحل والعقد ...

 ان الانتساب التاريخي الى الزوايا والأضرحة - الكرامية - بالمغرب له السحر الابيض المخدر-"المبنج " - الذي سلسل التفكير التحرري ،وقيد حركة المجتمع ، واسقط الدين في متاهة التحريف الاجتماعي ،وسلب الانسان انسانيته ، وبنى ابجدية جديدة ترسم بنية الترقي في السلم السياسي الاجتماعي تحت مظلة الحصانة الدينية او العرقية / السلالية المتخرجة من زوايا الاضرحة....

ان الإجابة على بعض الإشكالات التي طرحتها قضايا الاضرحة والزوايا ، له الامر الذي ينكشف من خلال موجهات عدة منها:

- هل للزوايا  والأضرحة نفس المركزية الانية – المكانة - التي  كانت لهما في التاريخ المغربي الماضي؟

- هل يمكن اعتبار الزوايا والأضرحة بالمغرب  نواة لسلطة سياسية /  إنشاء توجه سياسي/ عصبية سلالية /قبلية..... ؟

هل العمل داخل الاضرحة والزوايا يقتصر على ما هو ديني / اعتقادي ، أم يتعدى الى السلطة السياسية،والسحر الاسود...؟

-هل شرعية الاضرحة والزوايا مستمدة من بنية الوعي الجمعي المحصل في قيم المجتمع ، ام ان الامر تنميط للتفكير- البسيط / الساذج - الواجب امتلاكه من طرف المجتمع كإيديولوجية سياسية ؟

الاضرحة والزوايا الحاضر /الماضي في الذاكرة الشعبية ...نحن الامتداد الطبيعي للأجداد ومادام الامر هكذا فلازالت زيارة الاضرحة لها طقوسها العائلية الموسمية ...فمفهوم البركة مقاسه متمدد بتمدد الاعتقادات المجانبة للدين ...ان بركة شيخ الطريقة عند الفهم الشعبي ممتدة ولو بعد وفاته ،فهو مفتاح عقد الحاضر ...انها بركة وهبة سماوية تسود وتحكم الحاضر من خلال توارثها من طرف الخلف الاحفاد حتى ولو فسدت اخلاقهم ....؟

ان الفكر الشعبي له مرجع الجواب عن هذه الاسئلة ،فالأضرحة والزوايا الطرقية تعتبر قبلة لمن سدت في وجهه الابواب "الطبقة الشعبية"...فالهم يحمل اليها ،والتحصن بها لإفراغه عن طواعية له الامر الذي يدفع الى امكانية اعتبارها عيادة علم نفس شعبية تفرج الكرب ولها الحل الجاهز لكل مشكلة حتى وان كانت اعاقة مستديمة،هذا المعتقد السطحي هو مازال يزكي دورها الحاضر.

ان الدين في محصلته الاجتماعية التحريفية لهي البوابة التي ولجنا من خلالها الاضرحة من ابوابها الواسعة ،فالفكر الشعبي المطلسم بعادات دخيلة وممارسات مبتدعة جعل المزارات فكا لنحس الحياة ومشاكلها وقبلة لإراحة النفس من ضغط الحاضر المرتبك  بجدلية الواقع المفترض والحقيقي ، فالنية المبيتة - في الفهم الشعبي -  ببساطتها العفوية كرست العادة الاعتقادية ،وأصبح الشيخ/ الولي ذلك المرجع للافتاء بحل ازمات الوضع الاجتماعي المتحرك بالتغير الدائم... ان الولي الحاضر/الغائب بكراماته المتمددة يلعب دور الطبيب النفساني – حتى وهو في قبره -  باستلهام مسيطر على الواقع وتلوينه بألوان دينية  براغماتية تخدم  مثلث العلاقة بين المريد التائه والولي الكفيل وسلطة المكان والزمان كحجاب محصن .

ان الشكوى الى الغائب في الاعتقاد الشعبي هو نفور من الحاضر غير المنصت ، هروب من الحاضر القاهر للذات والمتحدي ...ان الغائب "الميت " يحسن الانصات بعدم الجواب وبلا تعليق و لا نقد ولا لوم حاد ،انه ملاذ الحلول حتى ولو كانت حلما مكبسا على النفس ...

ان تمجيد الماضي وتبخيس الحاضر له الامر الذي نشترك فيه كلنا اميين كنا او مثقفين ...ان مقود الماضي هو من يسلك بنا منعرجات الحاضر ،ويعمل على حمايتنا من الوقوع في حافة الازمات. فما العمل للتحلل من ثوب الماضي المضيق على الذات الحاضرة ؟

ان التفكير الشعبي باعتقاداته المبسطة من جانب القيم  والفعل السلوكي يفتقد الى اليات التحليل المنهجية لمشكلات الواقع المبخس والضاغط بحذاء الاحتواء السلطوي   ...فإشكالية ازمة الواقع المعيش في بعدها الابستملوجي تستوجب حلولا دقيقة واجرائية، ابسط ما نقول عنها التوعية والقضاء على حجاب الجهل ...و ان اشكل الامر يتم تجاوزها كمشكلة  ،وهو الحل الذي يدفع الى طلب الحماية من الغائب /الحاضر في الاضرحة الاولياء الذين كراماتهم لا منتهية ،انها انتكاسة ورجة عقلية تدفع بالحداثة نحو هامش الانتظارية... 

لا نبتغي ...البدائل الممعيرة بمؤشرات الحداثة الصادمة ، وإنما وصف الحال ثم نقده وتوصيف البدائل الوسيطية لتجاوز سلطة الماضي الذي ما انفك يمضي باكراهاته وبامتلاكه لآليات تفكيرنا ،ويطوح بنا في الدرك الاسفل لحفرة "لالة عائشة" ، فلا مناص لنا من تحصين الحاضر الذي مافتئ يأتي من رفض سلطة كرامات الموتى واعتبار تمجيد ثقافة الحياة المسلك الاول لرفض ثقافة تقديس الموتى....

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : ذ:محسن الاكرمين
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2013-05-21 00:48:46

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك