آخر الأحداث والمستجدات
مكناس بدون روح
مكناس مدينة الأطلال التي لم تعد تعرف إلا بأخبارها الإجرامية وبطالتها المرتفعة التي تجاوزت 20% حسب الإحصاءات الرسمية وانعدام الفرص، تغرق في الفقر المدقع وفي الأميةو ضعف البنيات التحتية تجعل أبسط شروط العيش الكريم لا تتوفر في مدينة مولاي إسماعيل ....
مدينة "المحارب" أو "فرساي" المغربية، كيف صارت تعيش الاحتضار والموت السريري في كل لحظة أمام صمت المسؤولين وضعف المنتخبين وتشردم الباقين،حيث يكتفون بالتصدي لمشاكلها فقط عبر الندوات والمنتديات والتنظير، دون ملامسة للواقع الذي يتهددها ويتهدد سكانها ويجعلها أقرب إلى السكتة القلبية في أي لحظة ، هو قول قليل في حق اللامسؤولية والاستغلال وانعدام الرقابة الجادة التي تٌسير بها هاته المدينة. ومن المؤسف جدا ونحن نقف على تشخيص الوضع العام بهذه المدينة الغالية سواء ثقافيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو سياسيا أو تدبيريا ....
سنجد أن المشاكل كثيرة ومتعددة في مختلف المجالات وربما تحتاج لكتب لسردها وبسطها ، ذلك أن الفساد والرشوة والمحسوبية أضحت عنوانا بارزا وجزءا لا يتجزأ في كل القطاعات. كيف يعقل لنخب عمرت أكثر من عشرين سنة من تسيير هاته المدينة ان تساهم في بلورة نموذج تنموي جديد في شتى القطاعات ، خصوصا في مجالات حيوية .
كقطاع الصحة حيث المستشفيات، صارت أشبه بأسواق للنخاسة، يٌباع و يٌشترى فيها المواطن المريض بلا شفقة و لا رحمة، ويٌتعامل معه كمواطن من الدرجة الثالثة، لأن المواطن من الدرجة الثانية، هو من تٌفرض عليه الرشوة للاستشفاء، والغوص في أعطاب المنظومة الصحية بمدينة مكناس كثيرة ومتعددة يكشف المسكوت عنه في رحلة العلاج، التي تكلف المكناسيين، وتحمل المرضى القادمين من أزرو وخنيفرة والحاجب ومريرت.. وغيرها أعباء إضافية تثقل كاهلهم، فالقطاع يحتاج بالضرورة لمن يتتبع المشاكل المرتبطة بالعرض الصحي، ومناقشة كيفية تطوير الخدمات العلاجية، بدل التركيز على نقل الخلافات الفارغة، وتصويب “الكاميرا” نحو قضايا هامشية ولا قيمة لها.
وفي قطاع التشغيل الذي يعتبر قطب الرحى والإشكالية أكثر تعقيدا فكثرة المنتديات والمعارض والندوات التي تهتم بقضية التشغيل جاءت بنتائج هزيلة ودون مردودية ملموسة على أرض الواقع، ففرص الشغل ضئيلة إن لم نقل منعدمة بالمدينة مما يجعل الشباب العاطل يتجه نحو شركات يفسح المجال أمامها لاستغلال عرق وجهد المستخدمين بثمن زهيد بشراكة مع لوبيات الفساد . ناهيك عن بعض الوكالات التدبير المفوض التي تبتز المواطنين وتسرقهم بطرق قانونية بدون مراعاة ادنى شروط الإنسانية في التعامل .
أما الواقع الاقتصادي لمكناس فحدث ولا حرج قلة استقطاب الاستثمارات رغم وجود منطقة صناعية التي لم يتعدى ملئها 30% , ضعف التنافسية الترابية للمدينة مما يجعلها غير منافس مع باقي المدن الاخرى. ناهيك عن إفلاس عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب عدم اندماجها في سوق مفتوحة فيجعلها تعيش ضغطا تنافسيا، يرهن الأجير والقدرة التنافسية للشركة، ويضعهما في حافة الإفلاس ، وهدا الوضع يستدعي ضرورة تدخل الدولة لمواكبة الاقتصاد المحلي، من خلال الرفع من الإنتاجية وتخفيف الضرائب على الشركات، وتوفير الحماية والخدمات الاجتماعية وتحسينها لصالح الطبقة العاملة. كل هذا يحدث وأكثر، في الوقت الذي تغض الطرف عنه الأحزاب السياسية بالمدينة، وتهرب إلى الأمام، وكأن عملها لا يبدأ إلا بعد أن تكون في مراكز القرار، بينما من مهامها الأساسية توجيه دفة المجتمع نحو الوجهة الصحيحة، ودق ناقوس الخطر عندما تشعر بأي مكروه يواجه المدينة مكناس، وتأطير الشباب وتكوينه والبحث عن نخب جديدة قادرة على العمل والعطاء وخدمة المواطنين، فأحزابنا السياسية اليوم لم تعد تهتم إلا بحملاتها الانتخابية ومحاولة إرضاء المواطنين فترة الانتخابات فقط، والذين باتوا يعرفون موعد إجراء الانتخابات دون الإعلان عنها.
خلاصة القول التدبير فاشل والمردودية هزيلة في غياب وصمت ملحوظ للمسؤولين ومدبري الشأن العام بالمدينة، مما يدفعنا ككل مرة لطرح التساؤلات : أين المسؤولين والمنتخبين؟أم علينا في كل مرة انتظار زيارة ملكية حتى يتم النهوض ولو قليلا بهذه المدينة وتزيينها؟ أين هو دور المعارضة في فضح وتعرية الواقع؟ أين هو دور المجتمع المدني والنخب المثقفة؟ إنها صرخة مواطن يبكي على مدينته ولا يهمه أن تكون يمينيا أو يساريا أو ليبراليا أو إسلاميا، فالمهم هو خدمة المواطن والمدينة بمفهومها الحضاري الحداثي، حتى يسود الأمن والأمان والإحترام للمواطن بمفهومه الكلي، لأننا بأمس الحاجة لمن يخصص وقته لتنمية مكناس والخروج بها من حالة الجمود القاتلة والتهميش.
وبما أن المسؤولية متقاسمة بالدرجات بين السلطات العمومية والمجالس الترابية والمجتمع المدني والنخب الفكرية والاقتصادية . في الأخير المواطن هو الضحية ، ومادام حال مكناس أسوأ مما قيل ويقال فلنشعل شمعة بدلا من لعن الظلام ماذا ننتظر ؟
الكاتب : | زبير النشاط |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2019-12-18 19:24:59 |