آخر الأحداث والمستجدات
التلاميذ الضحايا...
يشكو السادة الأساتذة في كثير من تصريحاتهم لا مبالاة التلاميذ وعدم اهتمامهم بتعلماتهم و ذلك راجع إلى مجموعة من الأسباب الذاتية والموضوعية نتناول اليوم واحدا منها و يتعلق الأمر بالمضامين الدراسية التي تشكل في كثير من الحالات عقبات أمام المتعلمين.
من أسباب نفور التلاميذ من الدراسة إغراقهم بمقررات تحمل مضامين لا تحترم قدراتهم الإدراكية ولا دائرة اهتمامهم كأطفال.
ما معنى أن يدرس التلاميذ في الأولى إعدادي التاريخ القديم وأسماء الآلهة عند الإغريق؟ ما معنى أن يفرض على الأستاذ أن يقدم لتلامذته الصغار دروسا مفصلة عن الرأسمالية كنظام اقتصادي و مساهمته في تأسيس الأرضية المناسبة للحركة الامبريالية؟ علما أن هذه محتويات يتم تناولها في مستويات عليا يعرفها أصحاب الجيو بوليتيك ويدرسونها في الجامعات كتخصص معرفي.
ما معنى أن يفرض على المتعلم في السلك الابتدائي أن يضبط حالات إعرابية معقدة جدا علما أن الإعراب عملية عقلية تأملية في وظائف الكلمات داخل نسق اللغة و وصف وظيفي لبنياتها العميقة.
ماذا نريد من تلميذ يفرض عليه التعامل مع نصوص فرنسية مكتوبة بلغة تخصصية تقنية تتناول ظاهرة التحولات المناخية في العالم؟ بل يفرض على الأستاذ المدرس أن يعلمه ضوابط المراسلات الإدارية شكلا ومضمونا وهي عملية لا يهتم بها المتعلم لا من قريب ولا من بعيد لأنها من شأن الكبار و تعاملات الكبار الذين تربطهم علاقات مع الإدارات و المؤسسات الكبرى( المرجو الاطلاع على كتاب parcours 3as)....ماذا يقول السادة المفتشون التربيون في كتاب اللغة الفرنسية (le français au collège الثانية إعدادي) الذي يقدم في مرحلته الأولى دروسا عن العمل الصحافي بالجزئيات المملة و التفاصيل التي تهم المتدربين في العمل الصحافي و في مرحلته الثانية يقدم دروسا عن العمل المسرحي أيضا بمواصفات لا تحترم قدرات الطفل ولا خصائصه النفسية والإدراكية وكأن الأستاذ مطلوب منه أن يتحول إلى formateur في مهنة الصحافة أو مصاحب في تكوين الممثلين.
ولا ننسى تدريس مادة الفلسفة في مستويات الجذوع المشتركة حيث تقدم مفاهيم مجردة لا يستوعبها المتعلم ......إلى ما هنالك من اختلالات تقلق المدرس و المتعلم على حد سواء بل و تجعل من التلميذ ضحية من الضحايا قد يرشح نفسه للهجرة إلى عالم الهدر المدرسي.
ما العمل؟ رغم آن المدرس يبذل مجهودا كبيرا في تبسيطه للمضامين في عملية النقل الديداكتيكي إلا أن التلاميذ لا يكترثون لمحتويات لا تثير فيهم أي فضول معرفي ولا تشجعهم على البحث أو حتى على التعامل معها كمضامين دراسية. نحن في حاجة إلى جيل جديد من المقررات تحترم أول ما تحترم القدرة الإدراكية للمتعلم و دائرة اهتمامه و ظروفه السوسيوثقافية.
مقررات تعطي الأولوية للكيف و لا تهدف إلى شحن عقول المتعلمين بمحتويات لا يستوعبونها أصلا و إن تم استيعابها ينسونها بمجرد خروجهم من قاعة الدرس. مقررات تعلم التلميذ لغة يستفيد منها في تواصله اليومي وعلوما لا ترمي به في دوائر الكبار المتخصصين بل مقرارات تنمي عقله تدريجيا( وليس حرقا للمراحل) وتكون شخصيته بكل أبعادها في سياق المعطيات الثقافية لبيئته.
الكاتب : | حسن حاج نصر |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2019-11-19 21:52:44 |