آخر الأحداث والمستجدات 

الإساءة للعلم الوطني.. بين الحكومة والمدرسة المغربيتين أيهما يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية؟!

الإساءة للعلم الوطني.. بين الحكومة والمدرسة المغربيتين أيهما يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية؟!

تفاعلا مع ما تناقلته بعض وسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، صبيحة يوم الاثنين 12 نونبر الجاري من صور وفيديوهات تتضمن إهانة علم المملكة المغربية ورموزها، والإساءة لثوابتها من طرف التلاميذ المحتجين على “الساعة الإضافية” قبالة قبة البرلمان.. يدق ناقوس الخطر ويطلق صفارات الإنذار، التي على الحكومة المغربية أن تلقي لها السمع، وتتعامل بالحكمة والتعقل الكافيين معها، فسلوك الإساءة إلى الرموز ااوطنية وعلى رأسها العلم الوطني المظفر يحز في نفس كل مغربي حر..

ذلك أن ما تعمل المدرسة على بنائه من حس وطني وتربية على المواطنة، منذ نعومة أظافر التلميذ إلى آخر مراحل الدراسة، وهي تدرج وحدات ومجالات الوطنية كمكون من مكونات المنهاج التربوي الأساس، أو وهي تدرج مكون التربية على المواطنة ضمن خياراتها التربوية، وما تطلبه الأمر من تكلفة مادية ومعنوية، لخلق تلميذ مواطن السلوك ووطني الحس والعاطفة. كل ذلك ذهب أدراج الرياح، بما أقبلت عليه الحكومة من قرار تغيير التوقيت المحلي المطابق لخط غرينتش الوهمي، وهو ما أوقعها في مواجهة المدرسة العمومية وتلامذتها.

وبعبارة أخرى، فالحكومة ضربت مجهودات الوزارة الوصية وأجهزتها ولجانها ومصالحها الساهرة على بث روح المواطنة، ونفخها في التلميذ عبر قنوات المنهاج التربوي الذي تترجمه المقررات المدرسية، وكذلك ضرب مجهودات رجال التعليم الذين لا يتوانون في إذكاء الروح الوطنية وإحماء وطيس المواطنة بين ضلوع التلاميذ.. عندما قررت عدم الإصغاء لنبض الجسم التلمذي، وما يعكسه من تجسيد لمخاوف الأسرة والمجتمع.. وما تحية العلم التي يتم فيها إرسال العلم كل بداية ونهاية الأسبوع، بالإجلال والمهابة التي تليق به، إلا دليل على تشبع المدرسة المغربية بماء الوطنية والعمل على إنفاذه إلى مسام التلاميذ..

فالمدرسة المغربية، وهي ترتوي من القيم الانسانية الكونية، لم تسقط المرجعية الدينية والخصوصية الوطنية كما أقرتها وصممتها الوثيقة الدستورية، سعيا إلى خلق مواطن متوازن وفاعل فاعلية إيجابية تجاه مجتمعه المحلي والعالمي..

ومهما يكن من أمر.. فما من مبرر للإساءة إلى العلم الوطني، فهو خط أحمر، والإساءة إليه سلوك منبوذ، وفعل شنيع مجرم، يسوء كل مغربي ويسيء إلى كرامته.. ينبغي عدم ارتكابه واقترافه.. لذلك على الحكومة المغربية أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة، في عدم قتل فسيلة الروح الوطنية التي تسقيها يوميا المدرسة العمومية، ويتعهدها رجال التعليم في كل حصة ودرس.. وعلى رئيس الحكومة أن يجد مخرجا أكثر مناسبة، ينبع من الإنصات الواعي لمطالب التلاميذ، الذين تنص الوثائق التربوية والاستراتيجيات البيداغوجية على التعبير عن آرائهم، وتحض على فسح المجال لإبداء مواقفهم، فلا معنى لأن تتعهد المدرسة إنماء الحس الوطني عند التلميذ، وتلقي به الحكومة -عن دون قصد- إلى أيد خبيثة تستثمره في أطروحات انفصالية. كما أنه لا معنى لأن تضمن المدرسة للتلميذ حق التعبير والرأي، ويصم المجتمع مسمعه وتجعل الحكومة أصابعها في آذانها، فالتربية على المواطنة كل لا يتجزأ، ومسؤولية تنطلق من الأسرة وتمر عبر المدرسة وتتجلى في المجتمع والدولة، وتتحمل فيها الحكومة القسط الأكبر.. فلا معنى لمدرسة لا تتأسس على سياسة حكومية تنسجم مع مقرراتها التربوية، ولا معنى كذلك لحكومة لا تمثل ومرآة لما يتلقاه التلميذ في مدرسته من سياسة تعليمية.. وإلا ستجد الحكومة نفسها في مواجهة المدرسة! أما المس بالعلم الوطني فلا علاقة له بإضافة ساعة أو حذف يوم، فهو أجل وأسمى من أن يقحم في دينامية الاختلاف في الرأي والتوجه، لأنه الجامع والضامن والصاهر لهذا الاختلاف، فالمس بالمقدسات ليس تعبيرا عن رأي، وليس دليلا على موقف، إنه جريمة مشهودة، وفعل شنيع، يواجه بالشجب الأخلاقي والجزاء القانوني..

 فأيتها الحكومة لا تجعلي أصابعك في آذانك، من الاحتجاج، حذر صواعق المتربصين بهذا الوطن، من انفصاليي الخارج والداخل، الذين لا ينتظرون إلا الفرص، لينقضوا بأنياب الغدر على لحمة هذا الوطن الآمن.. 

زهير اسليماني/ فاعل ومهتم بالشأن التربوي

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : زهير اسليماني
المصدر : هيئة تحرير مكناس بريس
التاريخ : 2018-11-13 11:32:35

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك