آخر الأحداث والمستجدات
ماذا يستفيد المغاربة من الانتخابات التشريعية ؟ ( الجزء الأول)
لا يفصلنا عن موعد لازمة الانتخابات التشريعية إلا أياما قليلة العدد ، لازمة ستجعل من المغاربة " إخواني المواطنين، أخواتي المواطنات ...اليوم حزب ..." . منذ البدء في تجريب الوصلة الديمقراطية لمغرب ما بعد الاستقلال ونحن يمارس علينا نفس الإطناب والإقحام السياسي إلى حدود شكله "الحامض" . و نحن كذلك لا نلوي القبض عن أي تغيير ملموس يذكر مادام في كل حملة انتخابية تستعمل سين التسويف مرارا و تكرارا " سنــــــ ".
للسؤال دور في تحديد مساحة البحث عن ميدان لعب لعبة من يستفيد من الانتخابات. هل الشعب والمواطن العادي ؟ هل الأحزاب السياسية بصقورها ورموزها المعهودة ؟ هل الدولة العميقة " المخزنية " بتلون أولوياتها الإستراتيجية ؟.
لنقر أولا بمسلمة لا محيد من الإتيان بها " أن المخزن هو الثابت ، وأن المتحول المستديم هي الأحزاب " . نعم ، لا ننكر أن لكل أطراف المثلث المذكور أعلاه استفادة تجمع مرة بين العينية والمعنوية ، ومرات أخرى لا نلوي على تحديدها بالكلمة . لكن جزء الحلقة الأضعف من الاستفادة من الضجة الانتخابية هو الشعب وبمتم مواقعه بعموم عمق الوطن الجغرافي. لما ارتأينا استعمال الجزم الثاني (الأضعف) بمسلمة القول وتكسير آليات التحليل وفق المنهج التاريخي (... التي تعمل على تحليل وتفسير الحوادث التاريخية " الانتخابية " كأساس لفهم المشاكل المعاصرة والتنبؤ بما سيكون عليه المستقبل ما بعد استحقاقات 7 أكتوبر 2016 " .
قد نختلف في تفكيك خلاصات ونتائج مسارات البناء الديمقراطي، قد نتوافق ونحمد الله واليد بالتقبيل بأننا اجتزنا خلخلة ما بعد حركة 20 فبراير بكيس أمان ممتص للصدمات . وبأقل فتحات التغيير المطالب به جهارا.
أبناء الشعب والوطن هم أسناد الورقة الرابحة أو الخاسرة التي تلجأ الأحزاب السياسية إليها جمعاء عند انتهاء كل ولاية تشريعية . فيصبح المواطن المغربي البسيط - " إخواني المواطنين، أخواتي المواطنات ...اليوم حزب ..." - إبان الحملة الانتخابية له قيمة تزن ميزان صوته والأصوات العائلية التابعة له بالعد النفعي السياسي. يصبح المواطن رقما في معادلة الاستقطاب والبيع والشراء، وحتى في قيمة نسبة المقاطعة لصناديق الاقتراع وعدم الانتماء السياسي. حتى التلفزيون الرسمي نلحظه يستجدي التسجيل في اللوائح الانتخابية والتصويت ويربطه بمصطلح الحق والواجب ، في حين يتم تغييب حق جودة التعليم ، يتم تجاوز الحديث عن واجب جودة التطبيب وتنوعها، يتم التناسي عنوة عن إحداث فرص التشغيل وفق حكامة الولوج إليها... إنها انتخابات المعادلة التي تروم فقط إلى تلميع صورة الديمقراطية داخليا بأن الحكم بيد الشعب ، وتسويقها للخارج بتيمة التميز والاستفراد القاري.
نحن الآن نتكلم فقط عن مرحلة ما قبل الانتخابات التشريعية ل 07 أكتوبر 2016 وإعلان نتائجها ، حيث ستنزل كل الوجوه المتهالكة سياسيا وعمريا والتي لازالت تكرر نفسها باللغو السياسي بحدوده المباحة إلى حد "الشعبوية " . هرم الخطاب السياسي ينزل بقوة القهر التدويري إلى المدن والقرى والبوادي وتوزع الابتسامات الماكرة/ الخادعة، والقبلات الرباعية النفاقية والتي تنفق حتما بعد كل حملة انتخابية . وكل المترشحين يرددون في قرار أنفسهم " سبع أيام ديال الباكور تتفوت (نسبة إلى أيام الحملة) ، هي نصبروا على الألسن الخاسرة للمواطنين ضد السياسة والسياسيون " .
الحقيقة المرة التي نعايشها وندور في حلقتها الفارغة بالمغرب هي استغلال الفئة الناخبة ببشاعة من طرف الأحزاب السياسية، وكأن الوعي السياسي الجماعي خان مواطني الوطن . إنها الملايين التي تحرك كل كراكيز لاعبي اللعبة السياسية الانتخابية عند كل السنوات الكبيسة ، انه الريع الانتهازي في اقتناص الفرص والركوب على كراسي أهل الحل والعقد . فيما المواطن البسيط فتمارس عليه الحكرة والقهر بالزيادات المتتالية، ورفع اليد عن صندوق المقاصة، وإغلاق باب التوظيف . ولما القول حتى بسلخه بالعصا في الساحات العمومية عند كل وقفة أو احتجاج سلمي ... ثم يأتي الناطق الرسمي باسم الحكومة ويتشدق القول أن المغاربة راضين عن النتائج الختامية لحكم الحكومة !!! وأن المغاربة هم وضعوا ثقتهم فيها !!! .
لنقل بأن المسلمة الثالثة الباقية لدينا في هذه الحلقة الأولى، هي تلك التي تلصق بالشعب كل الإكراهات و الإختلالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الماضية والمستجدة ، وكل الخير الفياض تحمله الحكومة الآتية إن شاء الله ، إنها المعادلة السمحة الطيعة للديمقراطية المغربية .
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2016-08-08 18:57:48 |