آخر الأحداث والمستجدات 

الأحياء الصفيحية بمكناس معامل لتفريخ الجريمة و ترويج المخدرات

الأحياء الصفيحية بمكناس معامل لتفريخ الجريمة و ترويج المخدرات

انتشرت بمكناس، إثر سنوات الجفاف الذي عرفه المغرب في سنوات الثمانينات، أحزمة من المساكن القصديرية بمحيطها. وعمد النازحون من القرى المحيطة إلى إنشاء بيوت من الصفيح، لتنتشر مع توالي السنوات مثل الفطر في هوامش المدينة، وتتحول شيئاً فشيئاً إلى أحياء صفيحية عشوائية لا تخضع لقوانين التعمير، وذلك بفعل تجاهل وتساهل السلطات. معظم قاطنيها من الطبقة الفقيرة والفلاحين الصغار الذين نزحوا من القرى المجاورة نحو المدينة هربا من ويلات وتبعات الجفاف ، بحثاً عن فرص عمل بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية التي أصبحوا يتخبطون فيها  بمناطق سكناهم، لتتحول دورهم الصفيحية بعد ذلك إلى "قنابل موقوتة" تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي للعاصمة الإسماعيلية، بإفرازها للفقر والإجرام والتطرف الديني.

و قد عاينت "الصباح"، أخيرا،  في جولة ميدانية لكل من دوار"الرداية" على مشارف الطريق الرابطة بين مكناس و مولاي إدريس زرهون ،  ودواوير "ميكا " و"الكركور" و"براملة" ودوار"الضو" بمنطقة سيدي بوزكري و "عين الشبيك " ببرج مولاي عمر، و منطقة ويسلان ، وأحياء مشابهة أخرى مرورا عبر أزقة ضيقة لا يكاد الزقاق الواحد منها يتسع لمرور سيارة صغيرة الحجم، فيما المنازل مبنية بطريقة عشوائية ودون تصاميم قانونية، ويعاني شبابها البطالة والتهميش والفقر المدقع. الزائر لهذه الأحياء يشعر عن كثب بمظاهر الحرمان الاجتماعي للسكان الذين لا يستفيدون من أي خدمات اجتماعية أو ثقافية أو ترفيهية، باعتبار أن همهم الأساس هو لقمة عيش تطفئ جوعهم ومأوى يستر عورتهم. ومع الإهمال الذي تعانيه هاته التجمعات، يكون مصير شباب هذه "البراريك" و"الكاريانات" الانحراف داخل مدينة تعاني أصلا، هي الأخرى، التهميش ، حيث تنتشر عمليات النشل والسرقة تحت التهديد بالسلاح الأبيض (سكاكين ،سيوف ، مديات ...) و الانحراف السلوكي بشتى أنواعه من القتل العمد والاغتصاب والإدمان و المتاجرة  في المخدرات على مختلف أصنافها، وترويج الخمور، والدعارة، وعمالة الأطفال، و غيرها، فضلا عن محاولة البعض من هؤلاء الشباب التخلص من وضعهم المعيشي المزري من خلال تبني الفكر السلفي المتشدد والتعلق بمذاهب دينية متطرفة، يحاولون من خلالها  اجتياز المحن التي يتخبطون فيها للوصول إلى بر الأمان بحسب اعتقادهم، ما قد يحولهم إلى "قنابل  موقوتة" و"أحزمة ناسفة"  يمكن أن تنفجر في أي زمان ومكان. و يلاحظ  أن أغلب الشباب الذين يرتكبون الجنح والجرائم المختلفة و الانسياق وراء الأفكار المتطرفة المحظورة هم من قاطني الأحياء المهمشة. 

لذا، فان سكان هذه الأحياء المهمشة، حين تسوء أحوالهم الاجتماعية، ويحسون بالقهر، ويعانون كل أشكال الإهمال المجتمعي ، يصبح من السهل إقناعهم بأي فكرة قد يفجرون من خلالها سخطهم على هذا المجتمع، أو يرون فيها خلاصاً من واقعهم البئيس، أو يجدون فيها مشروعية لهروبهم وانعزالهم عن العالم الذي ظلمهم وجعلهم يحسون بالاحتقار، حسب اعتقادهم. كما يلجأ البعض منهم إلى ولوج عالم الإجرام و الرذيلة من بابه الواسع ، من خلال اعتراض السبيل وسرقة ممتلكات الغير تحت التهديد بالسلاح الأبيض ، لأنها بالنسبة إليهم هي البديل المتاح أمام واقع الفقر والحرمان اليومي الذي يعيشونه، في خضم انسداد آفاق تنمية هذه المناطق المقصية.

تعد " البراريك" و "الكاريانات "و"البيوت القصديرية "و الأحياء الصفيحية ذات كثافة السكانية مرتفعة، المناطق المفضلة التي تسيل اللعاب لدى "السماسرة" ومحترفي السياسة والانتخابات، سواء منها البرلمانية أو البلدية، وغالبا ما تطؤها أقدام المسؤولين طلباً لأصوات السكان مقابل ملء بطون ناخبيهم بما لذ وطاب من الطعام آو منحهم قدرا من المال يسدون به رمقهم و لو مؤقتا..

فماذا ننتظر إذن من أحياء تباع فيها المخدرات بشتى أنواعها و "القرقوبي" و كل الموبقات و لا من يحرك ساكنا.. ماذا ننتظر أن يفعل شبابها في ظل هذا التهميش ،سوى الإقبال على تكوين عصابات إجرامية والتوجه لحمل السيوف قصد تدبر المصاريف الخاصة باقتناء المخدرات و ما يترتب عن ذلك من نتائج سلبية و جرائم متنوعة.

جميع الحقوق محفوظـة © المرجو عند نقل المقال، ذكر المصدر الأصلي للموضوع مع رابطه.كل مخالفة تعتبر قرصنة يعاقب عليها القانون.
الكاتب : حميد بن التهامي
المصدر : جريدة الصباح
التاريخ : 2016-05-19 13:32:42

 تعليقات الزوار عبر الفايسبوك 

 إعلانات 

 صوت و صورة 

1  2  3  4  5  6  7  8  9  المزيد 

 إعلانات 

 إنضم إلينا على الفايسبوك